الجامعة العربية ومأوى العجزة
الجامعة العربية ومأوى العجزة
أظن أن الجامعة العربية طيّب الله ذكرها، قد هرمت، وشابت، وأصابها الخرف، وسقطت أسنانها، وشاخت أوتارها الصوتية.. طبعاً هناك من يرى أن هذه الجامعة، ولدت شبه معاقة، وكانت تتحرك بإعاقة شديدة، فلم تكن في يوم من الأيام قادرة بأن تمشي على قدميها كي تنظم السير في الشوارع العربية المكتظة بزحام، المشكلات، والخصومات، والصرعات، ودعونا نقلْ بصدق وصراحة، إن رؤيتنا لهذه الجامعة في تكوينها وسيرة أدائها وفي شخصيتها أنها تفرق وتشتت، أكثر مما تجمع وتؤلف..!! ومع ازدياد شيخوختها فقد أصابها، الطرش، والخرس، والعمى الليلي، والغشاوة البصرية في النهار، فازدادت حالتها سوءاً إلى سوء. وكنا فيما مضى نقول يكفينا منها اسمها: «جامعة الدول العربية» فنعتبرها كجدة عمياء مقعدة فنقول لدينا «جدة»!! ويكفينا أيضاً منها وجودها على أرض المحروسة مطلة على نهرها الخالد العظيم للتذكير بأن هناك عرباً، وأنهم يجتمعون ما بين الحين والحين.. غير أن بعض المتشائمين كانوا يرون في وجودها تكريساً للانقسام وعدم التكفير في الوحدة، وذلك من خلال تأكيدها انفصام كل قُطر بذاته، وكانت أشبه شيء «بصخرة السّباب» التي كانت موجودة في مكة المكرمة في الجاهلية حيث تجتمع بعض القبائل على هذه الصخرة بعد موسم الحج فتتشاتم ثم تتحارب فيما بعد إلى أن جاء الإسلام فألغى الصخرة وعادتها الذميمة. * * * ومهما يكن فإن سيرة الجامعة العربية لم تكن سيرة حميدة في عمومها.. فإن قيل إن في هذه السيرة جبرَ خواطر، وبوس لحى وخشوم أحياناً فإن في سيرتها سلسلة من الأحداث، والمواقف المؤذية بل والمخجلة، كنا نرى فيها مسْخرات القذافي وصراخ بعض المعتوهين، ونرى التحاذف بالكلمات النابية، والصحون الطائرة.. وكنا نقول عن هذه الجامعة ذات التاريخ العريق في المهارشات و«المهاوشات» واللاءات والتلاكم بالكلمات، يا ليتها بدلاً من ذلك كله، أخذت على عاتقها أمور الثقافة، فكثفت جهودها لترسيخ أواصرها في الوطن العربي، وتحدثت عن المناهج الدراسية والتربوية وعن المجاعات، والأمراض التي تفتك بالأطفال، وأمراض الأمية التي تفتك بالعالم العربي، ليت أنها ركزت على ثقافة العمل والصناعة، واستغلال اليد العاملة، فكثفت جهودها ووظفت طاقاتها، وملفاتها، ومؤتمراتها على هذه الجوانب، ليت أنها اتجهت هذا التوجه، وتخلت عن مؤتمرات القمم التي تدور فيها معارك التحرير، والعودة إلى الأوطان السليبة مع أنها منذ ولادتها إلى هذه اللحظة لم تستطع أن تعيد حبة رمل واحدة إلى مكانها ولا ريشة عصفور إلى عشها. * * * العالم العربي اليوم يغلي غليان المرجل، دماء الشباب العربي على الأرصفة والساحات، ومفارق الطرق، والجامعة العربية أيدها الله.. تتحلى بالحكمة، والتروي، والتؤدة.. كما تتمتع بالصبر والصمت، فلا تجزع، ولا تذرف دمعاً، ولا تظهر جزعاً لأولئك الضحايا الأبرياء من أبناء الأمة، وتكتفي بدلاً عن ذلك كله بفضيلة التفرج..!! فمن المؤكد أن العاملين بها إذا أصابهم السأم والكسل، والملل بسبب الجلوس الطويل المزمن على كراسيهم المزمنة، فإنهم وللترويح، وتخفيف السأم يجلسون أمام شاشات التلفزيون داخل مكاتبهم يمتّعون أسماعهم، وأبصارهم، بدماء الأطفال، وأصوات الرصاص المنهمر على صدورهم.. * * * عجباً لأمر هذه الجامعة التي لا تهتز شعرة في بدنها بسبب ما يحدث.. وكأن ما يدور في العالم العربي يدور في كوكب آخر تقطنه الهوام، والدواب، والعفاريت.. لم نكن نتمنى على الجامعة شيئاً معجزاً فنحن لا نطلب إليها أن تتدخل في الأمور السياسية لأي بلد ولكن كنا نتمنى لو أنها عملت على تشكيل لجان صحية لتوفير الدواء والدم للجرحى والمصابين، أو بناء المخيمات للمشردين النازحين الذين أُخرجوا من بيوتهم، أو أنها أطلقت بعض الأناشيد التي تحثهم على الصبر والتحمل!! ولكنها رغم بساطة هذه الأشياء، وسذاجتها لم تفعل.. بسبب عجزها وما تعانيه من إعاقة وكساح.. فهي تتآكل وتموت موتاً بطيئاً يوماً بعد يوم، تموت في ذاكرة الأمة السياسية، كما أنها تموت في ذاكرة الناس ووجدانهم.. وأنا متأكد من أن ثمانين في المائة من أطفال العالم العربي، لا يسمعون بذكر هذه الجامعة، ولا يعرفون موقعها ولا دورها..!! أقول: إذا كان أمر هذه الجامعة كذلك، فهي قد تعدت سن اليأس منذ سنين وكانت في الأصل عاقراً، ولم تنتج إلا العقم، والتمزق.. وإذا كانت قد تهرمت، وتساقطت أسنانها ولم تعد قادرة حتى على لوك الكلام.. فأولى لها أن تحمل على محفة، أو سيارة إسعاف عاجلة إلى مأوى العجزة، لتستريح هناك، أو تموت في دعة وصمت.. مما قرأتـــــ |
رد: الجامعة العربية ومأوى العجزة
صادق صاحب المقال ومشكور على النقل المميز وحسن الاختيار
|
رد: الجامعة العربية ومأوى العجزة
العفو أخوي ..
حياك الله |
رد: الجامعة العربية ومأوى العجزة
مقال جدا رائع..
ولكن قبل الحديث عن الجامعة العربية لابد ان نعرف حقيقة الوضع في هذه المنظمة وبهذا تعرف القوة و الضعف فيها : اولاً ..شخصية القائد لهذه المنظمة اى ( امينها ) يعنى قدرتة على العمل والسلوك . ثانيا : جنسية القائد لها دور . ثالثا : الدول الفعّالة في منظمة الدول العربية اى هناك دول تخطف الدور لقوتها العسكرية ، و الاقتصادية و السياسية ، ومع هذا تأثر على باقى الدول الاخري ، على سبيل المثال: الولايات المتحدة تخطف دور الدول لانها قوة فعّالة.. هذه الاشياء التى ذكرتها هي من تحدد قوة الجامعة العربية . وقد كان هناك مفارقة وازواجية في تعامل المنظمة مع ما تشهده المنطقة العربية من ثورات وخاصا فيما يخص ليبيا وسوريا وكان لزواجيتها في هذين الدورين تسأل الجميع على المستوى المحلى ،او الاقليمى ،او الدولي ، لماذا كان دورها قوى وفعال وسريع في ليبيا ولم يكن لها دور فى الاحداث التى تشهدها سوريا مع ان هناك قتل واعتقالات ونزوح؟ نقول ان ليبيا تأثيرها ضعيف وليس لها دور في قضايا المنطقة ، ولا تشكل قوة فعّال ، كما ان نظامها منبوذ ،وله عداءات مع جميع الدول العربية . وبهذا كان اتفاق الدول العربية محاربته و الاستعانة بحلف شمال الاطلسي على اسقاطة ..أما سوريا فوضعها يختلف تماما ، وكما هو معروف ان سوريا تشكل مع مصر و السعودية ثقل عربي وقوى في التأثير على القضايا التى تهم منطقة الشرق الاوسط ..كما ان لها دور في الاستقرار في المنطقة وتشكل غطاء سياسي للاسرائيل ، وكذلك للدول الكبري كـ الولايات المتحدة لها مصالح مع النظام السوري لهذا كان ردها ليس قوى كما حصل في ليبيا ومصر. وهذه النقطة التى تحدثت عنها انقاً فيما يخص الدول الفعّالة .. ومن هذا المنطق كان دور الجامعة العربية ضعيف جدا في التعامل ما يحصل في سوريا ، لان دور الدول القوية في المنطقة اصبح ضعيف في تغير الوضع ، فمصر لاتزال ترتب وضعها الداخلى بعد سقوط مبارك عن الحكم ، و السعودية اصبحت وحيدة وتترقب الوضع ، ومتخوفة من خروخ قوى اخري قد تؤثر على المنطقة في قضاياها الحساسة ..واصبحنا فقط نتطلع للدور التركي في احداث تغير في سوريا .. سلمتي اختى نزف المشاعر على هذا الاختيار موضوع في غاية الاهمية نتمنى ان نكون وضحنا ولو بقدر بسيط .. دمتى |
رد: الجامعة العربية ومأوى العجزة
أهلا وسهلا باستاذنا الكريم ملفي بن سمار ..
وأشكرك على اضافتك القيمة والتوضيح الذي يعتبر موضوعا مستقلا بحد ذاته . ماقصرت كفيت ووفيت . الله يعطيك العافية .. سررت وتشرفت بمرورك . |
رد: الجامعة العربية ومأوى العجزة
اقتباس:
مجموعة من الكراسي لا فائدة منها فكل دولة الآن تقول : نفسي نفسي؟؟؟ أو كما يقول أخواننا المصريين وأنا مالي!!! أختلف مع الأخ ملفي سمار في أن جامعة الدول العربية كان لها دور في ليبيا!! بل على العكس من ذلك وقد كان لها دور سلبي في كل القضايا العربيه ما عدا قضية الأزمة العراقية الكويتيه عام 1961 ميلادي بعد أستقلال الكويت عن بريطانيا حيث قامت مجموعة من دول الجامعه ومن ضمنهم السعودية والجمهورية العربية المتحده"مصر وسوريا" والأردن والسودان من التمركز في الحدود الكويتية العراقية ووقف الزحف العراقي الذي امر به عبدالكريم قاسم لضم الكويت للدولة العراقيه. حلف شمال الأطلسي هو من أقحم نفسه في هذه الحرب لأسباب منها : تصريف الأسلحة المنتهية الصلاحية على العرب الداعمين. الإنتقام من القذافي ونضامه الذي أشغل أوربا وأقلقها. إيجاد ساحة مدفوعة التكاليف لتدريب طياريها وطائراتها ومعرفة مقدرتها القتاليه على أرض الواقع. وهنا بعض النقاط التي ضاعت من الحروف http://www.almouazeen.com/showthread.php?t=41402 المهم خلاصة الكلام: من يهن يسهل الهوان عليه ,,,مال جرحٍ بميتٍ إلامُ شكراً لك أختي نزف المشاعر على إنتقائك المفيد |
رد: الجامعة العربية ومأوى العجزة
[QUOTE=أبن مصاول;454450]ومتى كانت شابة ومتى كان لها دور من أصله؟؟؟
مجموعة من الكراسي لا فائدة منها فكل دولة الآن تقول : نفسي نفسي؟؟؟ أو كما يقول أخواننا المصريين وأنا مالي!!! أختلف مع الأخ ملفي سمار في أن جامعة الدول العربية كان لها دور في ليبيا!! بل على العكس من ذلك وقد كان لها دور سلبي في كل القضايا العربيه ما عدا قضية الأزمة العراقية الكويتيه عام 1961 ميلادي بعد أستقلال الكويت عن بريطانيا حيث قامت مجموعة من دول الجامعه ومن ضمنهم السعودية والجمهورية العربية المتحده"مصر وسوريا" والأردن والسودان من التمركز في الحدود الكويتية العراقية ووقف الزحف العراقي الذي امر به عبدالكريم قاسم لضم الكويت للدولة العراقيه. حلف شمال الأطلسي هو من أقحم نفسه في هذه الحرب لأسباب منها : تصريف الأسلحة المنتهية الصلاحية على العرب الداعمين. الإنتقام من القذافي ونضامه الذي أشغل أوربا وأقلقها. إيجاد ساحة مدفوعة التكاليف لتدريب طياريها وطائراتها ومعرفة مقدرتها القتاليه على أرض الواقع. دورها كان في تمهيد اصدار قرار دولى بحظر الطيران فوق ليبيا بعدما تطورت الاحداث في هذا البلد عندما قتل القذافي شعبة المطالب بالحرية ورفع الظم الذي جثم عليهم اكثر من اربعين عاما .. وكان توجه الجامعة العربية الى مجلس الامن من اجل اصدار قرار يكف من عمليات القتل و الاضظهاد التى يعاني منها الشعب الليبي هذا القرار جاء بتأيد معظم الدول العربية و كان محل تقدير واحترام لهذه الانظمة من شعوبها وشعوب العالم ... ومن هذا كلف المجلس الدولي حلف شمال الاطلسي النيتو وبعض من الدول العربية فيما سمي بمجموعة الاتصال حول ليبيا حيث عقدت عدد من الاجتماعات للنظر في البحث في الطرق الكفيلة لانهاء هذه الازمة . وبهذا لم يقحم هذا الحلف نفسه وليس تدخلة يأتي من باب تصريف اسلحتة وتدريب طائراتة وطيارية.. اعتقد عندهم مساحات شاسعة في دولهم .. *اما بخصوص عملية تحديد دور الجامعة سواء كان ايجابي او سلبي فهو يختلف من دولة الى دولة اخري على حسب سياستها ، وكذلك نظرة الاشخاص تختلف هى كذلك بحسب منظورهم الانساني فحينما يشاهد الشخص عمليات القتل الجماعي والاغتصابات و التطهير العرقي التى تقوم بها كتئاب القذافي بتأيد منه .، فهذا الشخص يعد دور الجامعة العربية في ليبيا ايجابي . اما كان الشخص راضى على عمليات القتل هناك فهو يعد هذا الدور سلبي ... ولكن نظرة الشعوب في الوطن العربي بشكل عام ينظر اليها بأنها ايجابية في موضوع ليبيا وسابقة للجامعة ... سعدت بمداخلتك اخي بن مصاول وهي محل تقدير طبعاً.. |
رد: الجامعة العربية ومأوى العجزة
العفو أخوي أبن مصاول ..
شاكرة لك مرورك ومداخلتك .. الله يعطيك العافية .. |
الساعة الآن 03:18 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir