منتديات الموازين الرسميه - الصدقه وعِظم اجرها

0 الصدقة وعِظم أجرها 0 ( الجزء الاول )

عن ابي موسي الاشعري رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ( علي كل مسلم صدقة ) . فقالوا : يا نبي الله , فمن لم يجد ؟ فقال : ( يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق ) . قالوا فإن لم يجد ؟ قال : ( يعين ذا الحاجة الملهوف ) . قالوا فإن لم يجد ؟ قال : ( فليعمل بالمعروف , وليمسك عن الشر , فإنها له صدقة ) . هذا الحديث اخرجه الإمام البخاري في كتاب الزكاه من صحيحه , باب علي كل مسلم صدقة برقم ( 1445 ) , وفي كتاب الادب , باب كل معروف صدقة برقم ( 6022) وكذا اخرجه الإمام مسلم في كتاب الزكاة من صحيحه , باب بيان أن اسم الصدقة يقع علي كل نوع من المعروف برقم ( 1008 ) , وأخرجه الأمام النسائي في كتاب الزكاه من سننه باب صدقه العبد برقم (2539) , واخرجه الإمام احمد في المسند برقم ( 4/395,411 ) واخرجه الإمام الدارلمي في سننه كتاب الرقاق باب علي كل مسلم صدقة برقم ( 2747 ) .

0 شرح الحديث 0

في هذا الحديث يحث النبي صلوات الله وسلامه عليه علي الصدقة , ويبين أن الصدقة أنواع متعدده , لا تقتصر علي الصدقة بالمال وإنما تشمل الصدقة بالمال وبالبدن , وبكل ما فيه نفع قاصر علي صاحبه أو متعد إلي الغير , وقد بدأ صلوات الله وسلامه عليه بالصدقه بالمال , وقد وردت احاديث كثيرة تحث علي الصدقة وتُرغّب فيها , منها ما يلي :
1--- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( كل سلامي من الناس عليه صدقة ,كل يوم تطلع فيه الشمس , يعدل بين الاثنين صدقه , ويعين الرجل علي دابته فيحمل عليها , أو يرفع عليها متاعه , صدقة , والكلمه الطيبة صدقه , وكل خطوة يخطوها إلي الصلاه صدقة , ويميط الأذي عن الطريق صدقة ) . ( متفق عليه )
2--- حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( إنه خُلق كل انسان من بني آدم علي ستين وثلا ثمائة مفصل , فمن كبر الله , وحمد الله , وهلل الله , وسبح الله , واستغفر الله , وعزل حجرا عن طريق الناس , او شوكة أو عظما عن طريق الناس , وامر بمعروف ونهي عن منكر , عدد تلك الستين والثلاثمائة سلامي , فإنه يمشي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار ) . ( رواه مسلم 1007 ) .
3--- حديث ابي ذر رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال : ( يُصبح علي كل سلامي من أحدكم صدقة , فكل تسبيحة صدقة , وكل تحميده صدقة , وكل تهليله صدقة , وكل تكبيرة صدقة , وأمر بالمعروف صدقة , ونهي عن المنكر صدقة , ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحي ) . ( مسلم 720 ) .
4--- حديث بريدة رضي الله عنه عن النبي صلي الله علية وسلم قال : ( في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلا , فعليه ان يتصدق عن كل مفصل منه بصدقة ) . قالوا : ومن يطيق ذلك يا نبي الله ؟ قال : النُخاعة في المسجد تدفنها , والشئ تنحيه عن الطريق , فإن لم تجد فركعتا الضحي تُجزئك ) . ( أبو داود 5244وصححه الالباني ) .
5--- حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي قال : ( علي كل منسم ) (اي مفصل ) من ابن آدم صدقة كل يوم فقال رجل من القوم : ومن يطيق هذا ؟ قال : (أمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة , والحمل علي الضعيف صدقة , وكل خطوة يخطوها احدكم الي الصلاة صدقة ). ( ابن حبان في صحيحه والبزار 926) , وقال في الاحسان ( ص 299 ) : وفي اسناده مقال :, لأنه من روايه سماك عن عكرمة , وهي مضطربه , إلا إن للحديث ما يقويه , فهو صحيح بشواهده ) .
6--- حديث ابي ذر رضي الله عنه في مسند الامام أحمد أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : ( ليس من نفس ابن آدم إلا عليها صدقه في كل يوم طلعت فية الشمس ) . قيل : يارسول الله , ومن اين لنا صدقة نتصدق بها ؟ قال : إن ابواب الخير لكثيرة , التسبيح والتكبير والتحميد , والامر بالمعروف , والنهي عن المنكر , وتميط الاذي عن الطريق وتُسمع الاصم , وتهدي الأعمي , وتدل المستدل علي حاجته , وتسعي بشده ساقيك مع اللهفان المستغيث , وتحمل بشده ذراعيك مع الضعيف , فهذا كله صدقه منك علي نفسك ) . ( ابن حبان في صحيحه 3377, وقال الالباني : صحيح لغيره انظر صحيح الترغيب 3/ 80 ) .
7--- حديث ابي ذر رضي الله عنه أن ناسا من أصحاب النبي صلي الله عليع وسلم قالوا للنبي صلي الله عليه وسلم : يا رسول الله , ذهب أهل الدثور بألاجور , يصلون كما نصلي , ويصومون كما نصوم , ويتصدقون بفضول أموالهم . قال : ( اوليس قد جعل الله لكم ماتصدقون ؟ إن بكل تسبيحه صدقه , وكل تكبيره صدقه , وكل تحميده صدقة , وكل تهليله صدقة , وامر بالمعروف صدقة , , ونهي عن منكر صدقة , وفي بضع احدكم صدقة ) . قالوا : يا رسول الله , أيأتي احدنا شهوته ويكون لنا فيها أجر ؟ قال : ( أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر ) . ( مسلم 1006 ) وغير ذلك من الاحاديث الكثيرة في هذا الشأن . وهذه الاحاديث تدل بمجموعها علي أن الصدقة بالمال ,ومنها الصدقه بالبدن , وصدقات البدن منها القولية ومنها الفعليه , ومنها ما هو متعدد نفعه , ومنها القاصر علي صاحبه , فأما صدقة المال فينتفع بها أنواع من الناس ذُكروا في آية الصدقات في سورة التوبه في قوله تعالي : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة60 . قال القرطبي في تفسير هذه الايه : خص الله سبحانه بعض الناس بالأموال دون بعض نعمة منه عليهم , وجعل شكر ذلك منهم إخراج سهم يؤدونه إلي من لا مال له , نيابه عنه سبحانه فيما ضمنه بقوله : ( وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا ) هود 6 – والحصر في الآية يدل علي أن الصدقة والمقصود بها زكاة الفريضة – لآ تحل إلا لهؤلاء الاصناف الثمانية وهم :
1--- الفقرآء : جمع فقير وهو الذي لا يملك ما يكفي لوازمه المعيشية , وضده الغني .
2--- المسكين : ذو المسكنة أي المذلة التي تحصل بسبب الفقر , وكل من الفقير والمسكين إذا ذكر وحده شمل الآخر وأغني عن ذكره , أما اذا اجتمعا فإنهما يفترقان , فالمسكين علي هذا القول أشد حاجه من الفقير , وقد رجح كثير من العلماء ذلك .
3--- العاملون عليها : قال بعض العلماء : علي هنا بمعني اللام , اي العاملون لأجلها , ومعني العمل السعي والخدمة , والمقصود الذين يسعون لجمع زكاة الماشية والزروع وغيرها من الاموال , فهم يجدون مشقه في سعيهم ويعملون عملا عظيما , والعاملون عليها هم من يكلفهم الإمام بهذا العمل , فيعطون من الزكاة مقابل عملهم عليها .
4--- المؤلفة قلوبهم : هم الذين تؤنس نفوسهم للإسلام , والمؤلفة قلوبهم لهم احوال , فمنهم من كان حديث عهد بالاسلام ضعيف الايمان أو فيه نوع معصية , فيؤلف قلبه علي قوه الايمان وعلي الطاعه ليكون من أهل ذلك . ومنهم الكفار الذين يظهر منهم ميل الي الاسلام أو يطمع المسلمون في اسلامهم فهؤلاء يعطون من الزكاه لتأليف قلوبهم علي الاسلام , لعلهم يسلمون . ومنهم الكفار الأشداء علي المسلمين الذين يظهرون شدتهم وأذاهم للمسلمين , فهؤلاء يعطون من الزكاة لترقيق قلوبهم وجلب الشفقة منهم علي المسلمين . وقد عد العلماء من الصنف الأول أبا سفيان بن حرب والحارث بن هشام رضي الله عنهما , كما عدوا من الصنف الثاني صفوان ابن امية , ومن الصنف الثالث عامر ابن الطفيل , وهؤلاء جميعا قد أعطاهم النبي صلي الله عليه وسلم من أموال الصدقات وغيرها يتألفهم علي الاسلام .
5--- في الرقاب : أي في فك الرقاب , أي تحرير الرقيق من العبيد والإيماء , قال الله تعالي (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ) النساء 92 – ولم تُجر الرقاب بالام حتي لا يتوهم أن اموال الصدقات تُدفع للرقيق , وإنما تدفع في تحريرهم وفك رقابهم من الرق .
6--- الغارمين : هم الذين ركبهم الدين ولا وفاء عندهم به , قال القرطبي : ويعطي منها من له مال وعليه دين محيط به , فإن لم يكن له مال وعليه دين فهو فقير وغارم يُعطي بالوصفين , وقد الحق كثير من العلماء بالغارمين من تحمل حمالة اي تكفل وضمن غيره , او تحمل ديات بين طائفتين من المسلمين وغرمها ليُصلح بين الطائفتين , او يتحمل دينا علي صديق له ليصلح بين صاحبه المدين وبين الدائن إذا كانت بينهما خصومه ونحو ذلك .
7--- في سبيل الله : هم الغزاه والمرابطون علي الثغور , يعطون ما ينفقونه في غزوهم سواء أكانوا أغنياء أم فقرآء . وهو قول اكثر العلماء , إذا أطلق في سبيل الله فينصرف إلي الجهاد والغزو , ويري ابن عمر أنه يلحق به الحجاج والعُمار , والحق بعض العلماء المعاصرين طلبة العلم فأدخلوهم في سبيل الله تعالي , وذلك لحديث ( من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله تعالي حتي يرجع ) . ( الطبراني في الاوسط 380 – وقال الالباني :حسن لغيره ) .
8--- ابن السبيل : السبيل الطريق , ونسب المسافر إليها لملازمته إياها ومروره عليها . والمراد الذي انقطعت به الاسباب في سفره عن بلده ومستقره وماله , فيعطي منها وإن كان غنيا في بلده . فهؤلاء اصناف منتشرة في المجتمع المسلم , موجوده في كل عصر , ينتفعون بالصدقه من المال , ولا شك أن صدقه المال تؤدي الي إلي نوع تكافل وتعاون وتراحم وتعاطف بين المسلمين , وهذا يؤدي بلا ريب إلي أمن وأمان , وكرم واحسان , وهدوء واطمئنان بين المسلمين وهذا من المطالب الشرعية ومما حث عليه النبي صلي الله عليه وسلم المسلم غير الواجد للصدقة أن ينشط فيقوم ويعمل بيده , إن كان يستطيع العمل , فينفع نفسه بالمال الذي يحصله من عمله ويتصدق بفضل ماله حتي يكون من ذوي الأيدي العليا ولا يجلس ويقنع بألاخذ فيكون من ذوي الايدي السفلي , فاليد العليا خير من السفلي كما اخبر النبي صلي الله عليه وسلم بذلك في الحديث المتفق عليه .

لعل الله وفقني , وان شاء الله نحن علي موعد الجزء الثاني .

من ثمار وقطوف الكتب