منتديات الموازين الرسميه

<<< التغافل >>>

إن الخاطرة إذا جاءت في ذهن الإنسان ولم يسارع بتدوينها أو كتابتها ليعبّر عنها في الحال أو فيما بعد فإنها في كثير من الأحيان سيكون مصيرها إلى النسيان وتذهب كما ذهب غيرها . فأي موضوع يخطر في بال المرء ليس بالضرورة أن يكون هذا الموضوع جديد ولم يعرفه البشر أو لم يتطرّق إليه أحد من قبلك ، ولكنه عبارة عن موضوع معيّن يثير اهتمامك وأحاسيسك وتريد أن تعبّر عنه بجوانب معيّنة وبطريقتك الخاصة ولو بصورة مختصرة . فعندما يخطر في ذهنك موقف رجولي أو إنساني أو أخلاقي كموضوع " التغافل " مثلا .. فانك ستجده موضوع كبير وواسع ومتشعّب وقد يطول بك المقام بسرد جميع جوانبه ، ولكن حينما يتم جمع هذا الموضوع قدر الإمكان بأسطر معدودة وبصورة مختصرة وبكلمات بسيطة ودون إخلال لتوصل تلك الفكرة أو ذلك الموضوع إلي الأذهان فأن تلك الطريقة وهذا الأسلوب يكون غير ممل وأفضل للسامع أو للقارئ ، وباستطاعة القارئ حينها إذا أراد التوسّع في معرفة أي موضوع أو أي فكرة فانه من السهل عليه أن يجدها بأي وسيلة ويطّلع عليها بصورة أوسع وأشمل .
فعندما يتغافل المسؤول وهو على رأس عمله عن بعض الأخطاء الغير جسيمة التي يرتكبها العامل أو الموظف المخلص والمجتهد دون قصد أو بسبب النسيان أو بسبب ظروف معينة اضطرته أن يفعلها وهي في نفس الوقت لا تؤثر من خلالها علي سير العمل فان التغافل في هذا الموقف يكون محمودا ، خاصّة إذا كان ذلك المسؤول قادر علي أن يفضي ما بنفسه من تذمّر وتحذير أو من قرار تأديبي كالخصم والنقل أو الفصل الكلي عن العمل ودون خوف هذا المسؤول من أحد .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : خدمت النبي صلي الله عليه وسلم عشر سنين ، والله ما قال لي أف قط ، ولا قال لي لشيء لم فعلت كذا؟ وهلا فعلت كذا *متفق عليه*
أنها قمّة الأخلاق النبوية ودرس عظيم لممارسة التغافل حتى علي الخادم الذي هو من باب أولي أن يقدّم خدمته علي أكمل وجه ، فكيف إذا سيكون مستوى هذا التغافل في حياتك عند أهلك وأولادك والموظّفين الذين تترأسهم في عملك وأعز أصدقائك .
إن ممارسة التغافل (((( المحمود )))) بين الناس يؤدي إلى زيادة الترابط والتلاحم والمحبة بين جميع فئات المجتمع ، خاصة إذا تم مراعاة الجوانب الشرعية وأولويات المفاسد والمصالح المترتّبة علي ذلك .
أخواني الأعزّاء أختم وأقول ... تخيّلوا أنفسكم وتخيّلوا الشعور الجميل الذي سيصيبكم عندما ترتكبون أخطاء معيّة تجاه الآخرين وتعلمون أنهم يستطيعون أن يفتكوا بكم أو أن يوبّخونكم علي فعلتكم ، ولكنّهم تغافلوا عنكم عن عمد بسبب علو أخلاقهم .

مشهب الديحاني
==========