![]() |
المظاهرات وآثارها"
المظاهرات وآثارها"
-------------------------------------------------------------------------------- من الأمور التي عمّت بها البلوى في هذا العصر مايسمى بالمظاهرات ولعلنا بالنظرة الشرعية الشمولية البعيدة عن دغدغت العواطف نستجلي شيئا عن هذه الظاهرة التي يعج بها عالم اليوم . إن الدعوة إلى المظاهراتِ التي عمّت حتى صارتْ تقليدًا يتنادى له الناس دون معرفة ما تؤول إليه الأمورُ بسببها لهو أمرٌ مخيفٌ مخالفٌ لقواعدِ الشريعةِ التي جاءتْ بتكثير المصالح وتقليل المفاسد لذا من نظر إلى هذه المظاهرات وما تؤول إليه تجلى له المفاسد الدينية والدنيوية التي تنتج عنها ومن ذلك: 1-: مفارقة الجماعةِ إذ أن مقصود هذه المظاهرات مراغِمَة للحاكم وتدعو لتنحيته عن الحكم وخلعه، وقد في أخبار الحبيب عليه الصلاة والسلام كما في ففي الصحيحين عن ابْن عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: ((مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ خَرَجَ مِنْ السُّلْطَانِ شِبْرًا فَمَاتَ عَلَيْهِ إِلاَّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً))، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: ((مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً))، وعنْ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ الأَشْجَعِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: ((خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ))، قَالُوا: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلاَ نُنَابِذُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: ((لاَ مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلاَةَ، لاَ مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلاَةَ، أَلاَ مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلاَ يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ))، وعَنْ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ: سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثالثة فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: ((اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ))، وفي الصحيحين عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: ((سَتَكُونُ أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا))، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: ((تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ)). وفي مسلم من حديثِ حُذَيْفَةُ قَالَ: ((يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ وَلا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ))، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: ((تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ)). كلُّ هذا من النبي بيان لفضلِ الجماعةِ وعظمِ حرمتِها عند الله ورسوله، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في الفتاوى (28/390): "يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها". ولننظر إلى التزام الصحابة الذين هم أبرُّ الناسِ قلوبًا وأزكاها أعمالًا بهذا الهدي النبوي ولعل هذا يتجلى من الآتي: أ- : كان الخليفةُ يزيدُ بنُ معاوية بلغ من الفسادِ في رعيتِه ما جعلَ بعضَ أهلِ المدينةِ يعقدون العزم على الخروج عليه، فأبى أفاضل الصحابة في القرن الخير الذي زكاه رسول الله r فقد روى مسلم قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ حِينَ كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحَرَّةِ مَا كَانَ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: اطْرَحُوا لأَبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وِسَادَةً، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ آتِكَ لأَجْلِسَ، أَتَيْتُكَ لأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُهُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: ((مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)). وفي البخاري أنه جمعَ حَشَمَهُ وَوَلَدَهُ وقَالَ: لاَ أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْكُمْ خَلَعَهُ وَلاَ بَايَعَ فِي هَذَا الأَمْرِ إِلاَّ كَانَتْ الْفَيْصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وذكر قول النَّبِيَّ: ((يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)). قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (4/529): "وكان "وكان أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة كما كان عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وغيرهم ينهون عام الحرة عن الخروج على يزيد". قال ابن القيم في إعلام الموقعين (3/4): "فإذا كان إنكارُ المنكرِ يستلزمُ ما هو أنكرُ منه وأبغضُ إلى اللهِ ورسولِهِ فإِنَّهُ لاَ يَسوغُ إنكارُهُ، وإنْ كانَ اللهَ يبغضُهُ ويمقتُ أهلَه، وهذَا كالإِنكارِ على الملوكِ والولاةِ بالخروجِ عليهم، فإِنَّهُ أساسُ كلِّ شرّ وفتنةٍ إلى آخرِ الدهرِ". فإذا كان ما سلف من مقدمات فيمن يقوم غيرة لله ومن أجل التقصير في جنب الله فكيف والمظاهرات في عصرنا لا تهتم لإقامة دين ولا غيرة على توحيد رب العالمين، وإنما قامت من أجل المال والسلطة والتي ربما تكون سببا في خسران الدنيا والآخرة، كيف والحبيب يُخاطب الأنصار والذين لهم الكعب المُعلى في نصرة دين الله قال لهم((سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً فَاصْبِرُوا(إلى متى) حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ)). قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد ذكر النهيّ عن قتالِ الولاةِ الظلمةِ في منهاج السنة النبوية (5/151): "ومن أسبابِ ذلكَ أنَّ الظالمَ الذي يستأثرُ بالمالِ والولاياتِ لا يُقاتلُ في العادةِ إلاَّ لأجلِ الدنيا، يُقاتلُهُ الناسُ حتى يعطيهم المالَ والولاياتِ، وحتى لاَ يظلمُهُم، فلمْ يكنْ أصلُ قتَالِهم ليكونَ الدين كلّه للهِ وِلتكونَ كلمةُ اللهِ هي العليا". ب- قَتَلَ الخليفةُ العباسيُ المأمونُ العلماء وضربَ وسجنَ ومنعَ أرزَاقَ من لم يقولوا بقولِه، في تقريره للبدع الكفرية ، ومع ذلك فلم يقم العلماءُ والأئمة الذين عاصروا هذه الفتنةَ رحمة الله عليهم أجمعين بالاعتصاماتِ والمظاهراتِ الاحتجاجية. قال العلامة ابن عثيمين وذكرَ أن المظاهراتِ لا تمتُ إلى الشريعةِ بصلةٍ ولا للإصلاحِ بصلةٍ: "الخليفةُ المأمونُ قتلَ العلماءَ الذين لم يقولوا بقولِهِ في خلقِ القرآنِ، قتلَ جمعًا من العلماءِ، وأجبرَ الناسَ على أن يقولوا بهذا القولِ الباطلِ، ما سمعنا عن الإمامِ أحمدَ وغيرِه من الأئمةِ أن أحدًا منهم اعتصم في أي مسجدٍ أبدًا، ولا سمعنا أنهم كانوا ينشرونَ معايبَه من أجلِ أن يحملَ الناسُ عليه الحقدَ والبغضاءَ والكراهيةَ، ". الأمر الثاني: أنه لا يشك أحدٌ أن المظاهراتِ قد دخلتْ على المسلمينَ من الكفار، فهي تقليدٌ لهم، والنّبيّ عليه الصلاة والسلام يقول : ((مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ))، وروى الشيخان عن النبي وقالَ: ((لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ)). فلو كانت هذه المظاهراتُ فيها خيرٌ لقام بها النبيُ ولقامَ بها السلفُ، فقدْ عذبَ المسلمونَ واضطهدوا عشرة أعوامٍ حتى استبيحتْ دماؤهم وأموالهم وأعراضهم، فجاؤوا إلى النبيِّ فقالوا: أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا؟! أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟! قَالَ: ((كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ والذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ)). فما أمرهم بأن يعتصموا أو يتظاهروا للمطالبة بالحقوق. 2-: أن هذه المظاهرات التي لم يأذن بها الله عز وجل ورسوله إذا تضمنت مفارقة الجماعة وأدت إلى قطع الطريق وتخويف الناس وسلب الأموال فهي من الحرابة التي قال تعالى فيها: إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولهذا تأولَ السلفُ هذه الآية على الكفارِ وعلى أهلِ القبلةِ حتى أدخلَ عامةُ الأئمةِ فيها قطاعُ الطريقِ الذين يشهرونَ السلاحِ لمجردِ أخذِ الأموالِ، وجعلوهم بأخذِ أموالِ الناسِ بالقتالِ محاربينَ للهِ ورسولِه ساعينَ في الأرضِ فسادًا". كما يجبُ أن يعلمَ أنَّ اللهَ نهى عن التعاونِ على العداونِ، فمنْ أعانَ هؤلاء في أعمالِهم وتخريبهم ومفارقتِهم للجماعة بأدنى معاونةٍ فهو شريكهم في حرابتِهم وإحداثِهم كما قَالَ: ((لَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا)) رواه مسلم 3- هذه المظاهراتِ عندَ كلِّ من عرَفها هي من أعظمِ أسبابِ الفسادِ في الأرضِ بسببِ ما تؤولُ إليه غالبًا من هلاكِ الحرثِ والنسلِ "وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ" قالَ العلامةُ الشوكانيُ عند تفسيرِ قوله تعالى: وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا: "نهاهم اللهُ سبحانَه عن الفسادِ في الأرضِ بوجهٍ من الوجوهِ قليلًا كان أو كثيرًا، ومنه قتلُ الناسِ، وتخريبُ منازلِهم، وقطعُ أشجارِهم، وتغويرُ أنهارِهم". وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز عن المظاهرات فقالَ: "لا أرى المظاهراتِ النسائيةِ والرجاليةِ من العلاجِ، ولكني أرى أنها من أسبابِ الفتنِ، ومن أسبابِ الشرورِ، ومن أسبابِ ظلمِ بعضِ الناسِ، والتعدي على بعضِ الناسِ بغيرِ حقٍ، ". وقال سماحته: "ولما فتحوا الشرَّ في زمانَ عثمانَ وأنكروا على عثمانَ جهرةً تمتْ الفتنةُ والقتالُ والفسادُ الذي لا يزالُ الناسُ في آثارِهِ إلى اليومِ، حتى حصلتْ الفتنةُ بين عليٍ ومعاويةَ، وَقُتِلَ عثمانُ وعليُّ بأسبابِ ذلك، وقُتلَ جمٌّ كثيرٌ من الصحابةِ وغيرِهم بأسبابِ الإنكارِ العلني وذكرِ العيوبِ علنًا، حتى أبغضَ الناسُ وليَّ أمرِهم وقتلوه نسأل الله العافية". 4-: أن القيام بهذه المظاهراتِ يسبب الفساد الاقتصادي الذي يضر بالبلد وأهل والشاهد ما خسرته "مصر من المليارات" خلال أيام قليلة وما تعطل من مصالح ومنافع. 5- قالَ العلماءُ: السنةُ سفينةُ نوحٍ من ركبَها نجا ومن تركَها غرقَ، فلو قامَ الناسُ بما أمر اللهُ به من الصبرِ والنصيحةِ والتوبةِ من مظالمِهم الخاصةِ التي أدتْ لتسليطِ الحكامِ لتحققَ الخيرُ بإذنِ اللهِ، أما هذه الثوراتُ والفتَنُ والمظاهراتُ هي على طريقِ من قام على الحكامِ بمظاهراتٍ ثم ثوراتٍ فذمهم أهل العلمِ كأهل الحرةِ وابن الأشعثِ وابن المهلبِ وغيرهم الذين قال شيخ الإسلام عنهم: "فلا أقامَوا دينًا ولا أبقَوا دنيَا، والله تعالى لاَ يأمرُ بأمرٍ لا يحصلُ بِهِ صلاحُ الدينِ ولا صلاحُ الدنيا". فالشعبُ التونسيُّ ثارَ على حكامِهِ في السبعينياتِ قبل خمسينَ سنةً، فتمَ إلغاءُ الملكيةِ وإعلان الجمهوريةِ، فصعدَ على رقابِ الشعبِ الطاغيةُ الذي لم يمرَّ في العصورِ المتأخرةِ من كانَ في مثلِ طغيانِهِ، وهو الذي أصدرَ مجلةَ الأحوالِ الشخصيةِ التي عطلتْ أحكامَ الشريعةِ في مجالِ الأسرةِ، وكانَ يفطرُ في رمضانَ علانيةً ويستهزئُ بالدينِ أمامَ الشعبِ، ثم ثارَ الشعبُ عليه في ثورةِ الخبزِ المشهورةِ، واليوم يتظاهرُ الشعبُ ويثورُ هناكَ على ربيبِه وابنِ نظامِهِ، فهل أغنتْ عنهم مظاهراتهُم وثورتهُم أم صدقَ عليهم أنَّهم: "لا أقامَوا دينًا ولا أبقَوا دنيَا"؟! وفي مصرَ ثارَ الشعبُ على الملكيةِ في وقتٍ قريبٍ من ثورةِ تونسَ، فأسقطوا الملكيةَ التي كانَ الناسُ فيها أحسنَ من حالهم اليومَ، واليومَ بعدَ ستينَ سنةً يتظاهرونَ لإسقاطِ نفسِ النظامِ الذي صفقوا له وبحتْ حناجرهم في الهتافِ له، فهل أغنتْ عنهم مظاهراتهُم وثورتهُم أم صدقَ عليهم أنَّهم: "لا أقامَوا دينًا ولا أبقَوا دنيَا"؟! وفي السودانِ انتفضَ الشعبُ على حاكمِهِ الذي وصلَ بالانتخاباتِ في أوائلِ هذا القرنِ الهجريِّ، ففرَ من البلادِ لاجئًا، ومع هذا وبعدَ ما يقاربُ ثلاثينَ سنةً يعيشُ السودانُ أسوأَ أيامِهِ بانفصالِ جنوبِهِ وعدمِ تحسنِ معيشةِ شعبِهِ، فتطالبُ الأحزابُ رئيسَه بالرحيلِ وتشتمُهَ في القنواتِ بأقذعِ الشتائمِ، فهل أغنتْ عنهم مظاهراتهُم وثورتهُم أم صدقَ عليهم أنَّهم: "لا أقامَوا دينًا ولا أبقَوا دنيَا"؟! فهل نتعض من عبر التاريخ ووقائعه التي هي شاهد عيان على فساد مثل هذا التوجه، ومن يقوم به، فهل الذي يُنادي به ويؤججه لهم سلف يُعتد برأيه أو يُستن به أم أنهم الغوغاء والهمج الرعاع. اللهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشدا يُعز فيه أهل طاعتك. |
رد: المظاهرات وآثارها"
أشكرك أخوي ابو بكر على هذا الإيراد
|
رد: المظاهرات وآثارها"
اخوي ابوبكر
احسنت في اختيار الموضوع وفي الطرح الراقي اللذي ينم عن عقليه ثقافيه كبيره وان اتفق معك تماما دمت بخير |
رد: المظاهرات وآثارها"
اختيار موفق لطرح جميل يعطيك الله الف عافيه
|
رد: المظاهرات وآثارها"
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
|
رد: المظاهرات وآثارها"
أحسنت الطرح أخي أبو بكر .. فهذا الموضوع متزامنا مع أوضاع الدول العربية الآن .
ولا شك أن المظاهرات تعتبر فسادا وخروجا على الحاكم . أشكرك جزيل الشكر . |
رد: المظاهرات وآثارها"
طرح قيم ومميز
يعطيك الف عافيه اخوي ابو بكر على طرحك المميز والرائع |
الساعة الآن 05:32 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir