في عصرنا الذي يتسم بإيقاعه السريع والمتلاحق، بات كثير من الناس يشكون من ضعف ذاكرتهم وكثرة نسيانهم، فأحياناً نجد أنفسنا في المطبخ مثلاً، ولا ندري ما الذي دفع بنا إلى هناك، وأحياناً أخرى، نبحث عن مفتاح السيارة أو المنزل، بينما هو في أيدينا، وفي أحيان أخرى قد تنسى اسم شخص قد تكون تعرفت إليه للتو .

وفي الغالب يكون التفسير المألوف لهذا النوع من فقدان الذاكرة المفاجئ هو التقدم في السن، أو ببساطة امتلاء الذاكرة وتكدسها بالمعلومات .

بيد أن الدكتور مايكل غروس، مدير وحدة فسيولوجية الجهاز العصبي في مستشفى كليمنتين تشرشل في ميد ليسكس بالمملكة المتحدة، يرى أن فقدان الذاكرة المفاجئ، والذي يحدث على فترات، يمكن أن يكون نتيجة لشيء آخر يحتاج إلى فحص طبي، خاصة لدى صغار السن .

ويقول الأطباء إن مرض “العتة” “dementio”، قد يكون مسؤولاً عن فقدان الذاكرة المفاجئ والعارض .
والعتة هي مصطلح شامل لمجموعة من الأعراض التي تتضمن عطب الذاكرة، ووهن التفكير العقلاني، وتدهور المهارات اللغوية و”مهارات فكرية أخرى” .
وعلى أية حال، توجد أسباب أخرى كثيرة للإصابة بفقدان الذاكرة قصير المدى “تتراوح بين قلة تناول اللحوم والسفريات الطويلة” .
و تالياً يستعرض الخبراء بعض الأسباب أو العوامل المحتملة لفقدان الذاكرة الذي يتسبب في مواقف محرجة وما ينبغي القيام به لتلافي هذه العوامل .


عدم كفاية الحامض في المعدة

يقول الخبراء إن فيتامين “بي 12” “B12” الذي يوجد في أطعمة مثل اللحوم، والأسماك ومنتجات الألبان، “والمعروف بدوره المهم في إنتاج خلايا الدم الحمراء”، قد يكون مفيداً لصحة الذاكرة .

وقد وجدت دراسة أمريكية حديثة أن نقص فيتامين “بي 12” له علاقة بمشكلات الذاكرة والتفكير . والنظرية هي أن “بي 12” يلعب دوراً في حماية “الغمد المياليني” “وهي طبقة عازلة تحمي أعصاب الدماغ” . وأي تلف يحدث لهذه الطبقة يؤدي لإبطاء نبضات الأعصاب ويؤثر سلباً في الذاكرة .

ويقول الدكتور أنطون إيمانويل اختصاصي الجهاز الهضمي في مستشفى كلية لندن: “يحدث نقص فيتامين “بي 12” عندما يعجز الجسد عن امتصاص ما يكفي من الفيتامين عبر الأمعاء الدقيقة” .

ويضيف: إن هذا الفيتامين يوجد في الأطعمة مثل اللحوم والأسماك ومنتجات الألبان، ولذلك فإن على النباتيين أن يحرصوا على التأكد من تناول كفايتهم منه . ومن الأسباب الأخرى المحتملة لضعف الذاكرة، مرض الأنيميا “فقر الدم”، “وهو مرض متعلق بخلل في مناعة الجسم الطبيعية، وعلى أثره ينخرط الجسم في مهاجمة خلايا البطن، وبذلك يحول دون امتصاص الأغذية” . ومن الأسباب الشائعة الأخرى التي تؤدي أيضاً للإصابة بضعف الذاكرة المؤقت، مرض “كروهن” وهو مرض أو شكل من أشكال التهاب الأمعاء يؤثر سلباً في امتصاص الغذاء .

كذلك لابد من الإشارة إلى حقيقة علمية بسيطة ومعروفة، مفادها أن التقدم في السن، يعتبر من أكثر الأشياء التي تفضي للإصابة بفقدان الذاكرة “عندما نتقدم في السن، تفقد المعدة تدريجياً مقدرتها على إفراز مستويات عالية من الحمض المعوي الذي يعتبر أساسياً في امتصاص الفيتامين”، وهذا قد يؤدي لتشخيص خاطئ “تشخيص وإصابة كبار السن بالعتة، بينما هم في الحقيقة يعانون نقص فيتامين بي 12” . ويمكن التوصل للتشخيص الصحيح بإجراء فحص دم “وتناول متمم غذائي سيحل الإشكال فوراً” .


ضغط الدم المرتفع


إذا كنت دون ال 45 عاماً، وتعاني كثرة النسيان، فمن المستحسن أن تجري فحصاً لضغط الدم .

وقد كشف بحث أجري في جامعة ألاباما أن الذين يعانون ارتفاعاً في ضغط الدم - من بين المشاركين في البحث - كانوا أكثر أرجحية للتعرض لمشكلات ذاكرة ومهارات تفكير، مقارنة بمن كان ضغط دمهم طبيعياً .

وكلما زاد ارتفاع ضغط الدم تزداد أرجحية التعرض للمشكلات .

ويقول الأطباء إن ضغط الدم المرتفع يتلف البطانات الداخلية للشرايين، ويفضي ذلك في النهاية لجعل جدران الشرايين سميكة ومتيبسة .

وتقول البروفيسورة فينيلا كيركهام، أستاذة الأمراض العصبية في مستشفى جامعة ساوثهبتون بإنجلترا: “هذا الضيق والتيبس الذي يحدث للأوعية الدموية يقلل كمية الدم التي تنساب للدماغ، وتصل إلى منطقة تسمى الحُصين “المنطقة المرتفعة من القرن الصدغي لبطين الدماغ”، وهي منطقة تلعب دوراً مهماً في عمل الذاكرة” . ويقول الأطباء إن التقدم في السن، لا يحول دون وقف التدهور، فإذا حرصت على ممارسة الرياضة بانتظام، واتبعت نظاماً غذائياً صحياً، وأنقصت وزنك، ستتضافر كل هذه الإيجابيات، وتحسن ذاكرتك - و”صحتك العامة أيضاً” .



قصور الدرقية


إذا كنت تعاني الإرهاق وزيادة الوزن والكآبة وتشعر بأن ذاكرتك ليست مثلما كانت في السابق، فربما تكون مصاباً بقصور الدرقية، وهو مرض يصيب النساء أكثر من الرجال وبمعدل 15 من كل 1000 امرأة .

وتحدث هذه الحالة - التي تتطور تدريجياً على مدى أشهر عدة - عندما تعجز الغدة الدرقية عن إفراز “هرمون الثيروكسين” .

ويقول البروفيسور ريتشارد روس أستاذ علم الغدد في جامعة شيفيلد: يلعب هذا الهرمون دوراً مهماً للغاية في مقدار الطاقة التي يستخدمها الجسم، فإذا لم يكن هناك مخزون كاف منه في الجسم تكون كل حركات وأنشطة الجسم واهنة ومتثاقلة، بما في ذلك وظائف الدماغ، وبالطبع سيؤثر ذلك في الذاكرة . . والتذكر .

ويقول الأطباء إن أسباب قصور الدرقية تشمل حالات اختلالات المناعة الذاتية “مثل هاشيموت”، وعندما يبدأ الجسم في مهاجمة نفسه، وتشمل أيضاً التعرض لفيروس وقد تنجم أحياناً من دواء أو علاج معين .

ويمكن تشخيص واكتشاف هذا المرض بإجراء فحص دم بسيط، ويعالج بعقاقير تسمى ليفوثايروكسين، وهي بدائل هرمونية فعالة تخفف الأعراض بسرعة كبيرة .



الستاتينات (مثبطات الكوليسترول الضار)

هنالك معلومة رائجة في الأوساط الطبية، تقول إن العقاقير المثبطة للكوليسترول مفيدة للذاكرة، بيد أن مراجعات حديثة - لأبحاث علمية - أجرتها مكتبة كوكران المرموقة، خرجت بنتائج معاكسة .

وفي هذه الدراسة، راجع الباحثون بيانات ومعلومات مستخلصة من تجارب أجريت على 14 عقاراً، وشملت 34000 مريض، ووجدوا أن بعض المرضى الذين تناولوا هذه الأدوية والعقاقير كانت لديهم مشكلات تتعلق بتذكر أحداث “قريبة العهد” .

ويقول الدكتور غروس إن سبب تعرض البعض لإشكالات “تتعلق بالذاكرة”، وعدم حدوثها لدى البعض الآخر، قد يكون ببساطة “جينياً” .

ويقول الأطباء إن الأمر المعروف هو أن مثبطات كوليسترول معينة، تكون أكثر أرجحية للتسبب بمشكلات مقارنة بمثبطات أخرى، وكلما ازدادت قابلية المثبط لإذابة الدهون “ما يعني اختراقه لأغشية الخلية بسرعة وبقاءه في دهون الجسم واستمراريته في التأثير فيها، وبالتالي وكما أسلفنا، كلما ازدادت قابلية المثبط لإذابة الدهون، يزداد نزوعه لعبور الحاجز الذي يحمي الدماغ من أي سموم قد تكون موجودة في الدم . ويعد عقار “سيما فاستاسين” من أكثر العقاقير “المثبطة” المذيبة .



سن اليأس

تؤكد الأبحاث الطبية أن زيادة النسيان في مرحلة معينة من السن، تعتبر من الشكاوى الشائعة لدى النساء .

وقد أكدت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا أن تناقص مستويات الأستروجين يعتبر مشكلة، خاصة في المرحلة التي تسبق الوصول إلى سن اليأس مباشرة، والتي تسمى “مرحلة ما قبل سن اليأس” .

ويقول البروفيسور روس: “إن الأستروجين قد يكون له تأثير وقائي في النواقل العصبية، والتي تلعب دور “الساعي” في الدماغ” .

ولحسن الحظ، فإن فقدان الذاكرة لا يكون دائماً، وأن تناول هرمونات الأستروجين أو البروجسترون - التي تستخدم علاجاً بديلاً للهرمون - في هذه المرحلة العمرية، يكون مفيداً .





الصداع النصفي


إذا كنت عرضة لمرض الصداع النصفي فقد تكون مهدداً بحالة تعرف ب”فقدان الذاكرة الشامل العابر” وهي حالة شائعة أكثر بين من تجاوزوا سن ال 50 . وفي هذه الحالة، يفقد المصاب مقدرته على تذكر الأحداث القريبة - التي حدثت في ال 24 ساعة السابقة أو أطول من ذلك قليلاً - ويتواصل هذا النسيان الشامل لساعات عدة، حيث لا يستطيع المصاب بهذه الحالة تذكر أو إدراك أين يقف، أو كيف وصل للمكان الذي يمكث فيه، لكنه يستطيع تذكر من هو والناس الذين يعرفهم .

وتقول البروفيسورة كيركهام: “يعتقد العلماء أن هذه الفجوة في الذاكرة تحدث نتيجة لخلل جيني يمكنه أن يسبب انتشاراً لنبضات الأعصاب في الدماغ . وإلى جانب تحفيزها للصداع النصفي قد تتسبب هذه النبضات في شل الذاكرة مؤقتاً لكن ليس بالضرورة أن يكون ذلك في الوقت نفسه .

ومثلما هو الحال في الصداع النصفي قد تحدث الكآبة المرتبطة بانتشار النبضات العصبية في الدماغ بسبب الانغمار المفاجئ في ماء بارد أو ساخن، أو بسبب محنة عاطفية شديدة، أو حتى نتيجة اتصال جنسي .

ولحسن الحظ فإن هذه المشكلة ليست شائعة ونوبات فقدان الذاكرة الناجمة منها لا تحدث في الغالب إلا مرة واحدة .

ويقول الاطباء إن الذاكرة ينبغي أن تعاود نشاطها خلال 24 ساعة .




السفريات الجوية الطويلة

يدرك أي شخص اختبر رحلة جوية طويلة مدى صعوبة هذه التجربة والآثار السلبية العديدة التي تخلفها والمتمثلة في الإرهاق الشديد والتشوش والتوهان .

وتشير دراسة حديثة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى إمكانية تواصل مشكلات الذاكرة والإدراك لفترة طويلة بعد العودة من السفر .

وتقول البروفيسورة كيركهام: يعتقد العلماء أن المشكلات تنجم عن نقص النوم المتصل والمتسق فعندما تنام تمضي منطقة “الهيبوكامبوس” وهي منطقة في الدماغ لديها دور كبير ومعقد في عملية التذكر وقتها في حفظ الذكريات . وبعبارة أخرى إذا لم تكن تنام بالقدر الكافي لك، فإن مشكلات الذاكرة يمكنها أن تبرز . كما تظهر مشكلات الذاكرة أيضاً لدى من يعانون إرهاقاً مزمناً ومتاعب نوم “مثل الأرق” .




العلاج الكيميائي

يقول الأطباء إن فقدان الذاكرة يعد جزءاً من الآثار الجانبية السيئة الناجمة عن العلاج الكيميائي .

ويؤثر الدماغ الكيميائي Chemo Brain وهو مصطلح يستخدم لوصف التفكير الضبابي والمشوش وفجوات التذكر التي تعقب جلسات العلاج الكيميائي على ما يصل إلى نصف مرضى سرطان الثدي .

ويعتقد أن العلاج الكيميائي يؤثر في خلايا الدماغ السليمة ويضعف مقدرتها على القيام بدورها الوظيفي بفعالية .

وفي دراسة أجرتها جامعة ستانفورد في كاليفورنيا اكتشف الباحثون أن مرضى سرطان الثدي الذين خضعوا لعلاج كيميائي كان نشاط المناطق الدماغية المسؤولة عن التذكر عندهم أقل فعالية مقارنة بمن لم يتلقوا علاجاً كيميائياً . وقد ربطت دراسة أجريت في مركز رشيستر الطبي وكلية الطب بجامعة هارفرد بين عقار فلورو راسيل “5U” وهو علاج كيميائي يستخدم على نطاق واسع، وتدهور خلايا الدماغ السليمة .

ويقول مارك نوبل وهو مشارك رئيس في وضع هذه الدراسة “من الواضح أن العلاج الكيميائي يلعب لدى بعض المرضى دوراً في تدهور خلايا الدماغ السليمة” .

ويرى الأطباء أن هذه المشكلة قابلة للحل، أي أن الذاكرة ستتحسن ومع ذلك يقول الأطباء إن مشكلات الذاكرة الناجمة عن العلاج الكيميائي تستمر عشرة أعوام . كما يرى الأطباء أن تعاطي الاسبرين الذي يحافظ على أو يزيد تدفق الدم لخلايا الدماغ ويزيد بالتالي ضخ الأوكسجين لها قد يكون وسيلة من وسائل وقاية أو علاج “الدماغ الكيميائي”، ولكن ينبغي استشارة طبيب قبل الانخراط في تناول الاسبرين بانتظام لتحديد الجرعة المناسبة .



الحمل

تشكو النساء أثناء الحمل باستمرار من “دماغ الجنين” . وفي دراسة جديدة أجريت بأستراليا قارن الباحثون أداء وفعالية الذاكرة لدى النساء الحوامل وغيرهن، وقد أظهرت النتائج أن النساء الحوامل يتسمن بذاكرة سيئة، خاصة في مهام مثل تذكر أرقام هواتف جديدة أو أسماء أشخاص .

وتقول جولي هنري الباحثة النفسية في جامعة نيو ساوث ويلز في سيدني التي أعدت الدراسة إن التغيرات التي تحدث لنوعية وروتين حياة الحامل، قد تكون مسؤولة عن تدهور ذاكرتها .




التخدير

تكمن متعة التخدير في نسيانك لأي شيء بعد أن تستفيق من تأثيره ولكن يبدو أن فقدان الذاكرة يمكن أن يستمر فترة طويلة بأكثر مما تتوقع ومن المعتاد أن تواجه مشكلات في تذكر أشياء بعد بضعة أيام من خضوعك لعملية جراحية بيد أن الأطباء يقولون إن المشكلات الناجمة عن قصور الإدراك المعرفي الذي يحدث بعد العملية الجراحية يمكن أن تستمر فترة تصل إلى سنة . وفي دراسة أجريت في مستشفى فلوريدا الجامعي تبين أن 40% من المرضى كبار السن (60 عاماً فما فوق) عانوا مثل هذه المشكلات التي تعقب العمليات الجراحية . وأن 7 .12% منهم لايزالون يعانون مشكلات حتى بعد مرور ثلاثة أشهر من إجراء العملية .

وتوجد أعراض أخرى تشمل مشكلات متعلقة بالتركيز والانتباه وأسباب ذلك لاتزال غير معلومة .

ويقول الأطباء إن الغازات التي تستخدم في التخدير قد تتداخل مع نبضات الأعصاب في منطقة “الحصين” الدماغية . وتقول البروفيسورة كيركهام إن الجراحة نفسها قد تلعب دوراً في فقدان الذاكرة مسببة رد فعل التهابي في الجسم بأكمله بما في ذلك الدماغ .

ويرى الأطباء أن الاسبرين وعلى الرغم من الجدل المثار حوله ربما يسهم في تخفيف الأعراض “بتقليل الالتهاب” .

وبخلاف تناول الاسبرين لا ضير من الانتظار حتى تخف الأعراض .




الصرع

يقول الأطباء إن هذا المرض الدماغي الذي يسبب نوبات مفاجئة ويصيب نحو 000 .500 بريطاني بإمكانه أن يسهم في فقدان الذاكرة . وعندما تحدث نوبة الصرع تضطرب النبضات الكهربائية في الدماغ فإذا حدثت هذه النوبات في مناطق معينة في الدماغ “كالحصين مثلاً” يمكنها أن تسبب مشكلات تستمر حتى بعد نهاية النوبة . وتقول البروفيسورة كيركهام “إذا عولجت النوبة بسرعة وفعالية باستخدام أدوية وعلاجات مثل لاموتريجين وليفيتراسيتام” فمن المفترض ألا تحدث آثار سلبية في المدى البعيد .





عقاقير الربو و التهاب المفاصل

يتعاطى آلاف المرضى عقاقير وأدوية “كورتيكستيرويد” لمعالجة أمراض مختلفة مثل الربو والتهاب المفاصل وأمراض أخرى .

ويقول البروفيسور ستيفن بازير المحاضر في كلية الصيدلة في جامعة ايست انغليا بالمملكة المتحدة إن استخدام هذه الأدوية لفترات طويلة ستة أشهر أو أكثر يمكن أن يؤدي إلى حدوث مشكلات تتعلق بالتذكر، موضحاً أن أدوية الكورتيكستيرويد يمكنها أن تقتل خلايا الدماغ وتقلص الدماغ نفسه “خاصة منطقة الحصين” .

ويقول البروفيسور بازير: من الأفضل أن يعمل المريض على تغيير أو التحول بين أدوية الكورتيكستيرويد التي يستخدمها فهناك 9 أنواع مختلفة منها بناء على مدى خطورة أو شدة فقدان الذاكرة، قد يعتقد طبيبك أن المنافع تفوق المخاطر . ويرى الاطباء أن هذا النوع من فقدان الذاكرة نادر الحدوث .


الاكتئاب


يعتقد الأطباء أن الاكتئاب له علاقة بالمستويات المتدنية من مواد كيميائية موجودة في الدماغ كالسيروتينين Serotonin و”نوربينفرين” Norepinephrine وهذه المواد من مهامها تلقي وإرسال الإشارات الدماغية .
ونقص هذه المواد يمكنه أيضاً أن يؤثر سلباً في الذاكرة .

ويقول الدكتور غروس إن معالجة الكآبة بنجاح بغض النظر عن الطريقة المتبعة سواء كانت أدوية أو جلسات معالجة نفسية يفترض أن يسهم أيضاً في تخفيف أي إشكالات تتعلق بالذاكرة .



الحفلات والليالي الصاخبة


يقول الأطباء إن احتساء الخمور في ليلة صاخبة والاستيقاظ صباحاً بتشوش وارتباك في الذهن يعزى لتأثير السموم الموجودة في الكحول على منطقة الحصين الدماغية وهي المنطقة التي تسهم في تشكل الذكريات .

ويؤثر الكحول تحديداً في المركبات الكيميائية التي تبعث الرسائل والمعلومات وكلما ازدادت كمية الكحول المستهلكة يزداد حجم مشكلات الذاكرة على المدى القصير . ويقول الدكتور غروس إن الإفراط في تناول الكحول لفترة طويلة يؤدي إلى حدوث ما يعرف بمتلازمة كورساكوف التي تتعطل فيها الذكريات على المدى القصير، خاصة الأحداث التي تلي وقوع هذه الحالة أو المتلازمة والتي من سماتها أيضاً صعوبة استيعاب أو إدراك معلومات جديدة . ويرى الأطباء أن الامتناع عن تناول الكحول يمكن أن يوقف تدهور الحالة حيث يتعافى نحو 25% من المصابين بمتلازمة كورساكوف حينما يقلعون عن استهلاك الكحول .



أم نسيت أنها أنجبت طفلاً
نامت لتستيقظ في القرن الماضي


يعتقد أغلبية الناس أنهم إذا تمكنوا من إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، فإن ذلك سيكون أمراً مبهجاً، ولكن بالنسبة لنعومي جاكوبز (34 عاماً)، التي استيقظت في أحد الأيام وهي مقتنعة بأنها لا تزال في سن ال ،15 كانت عودة عقارب الساعة بالنسبة إليها بمثابة بداية لمحنة مرعبة . فكانت نعومي جاكوبز، وهي أم لطفل واحد قد أصيبت فجأة بنمط نادر من أنماط فقدان الذاكرة يحدث، ببساطة، نتيجة للقلق والضغوط .

كان آخر شيء تتذكره، استسلامها للنوم في فراشها متخيلة أنها لا تزال تلميذة في المدرسة، تداعبها أحلام وتهيؤات حول فتى أغرمت به .

وعندما أفاقت من نومها، اعتقدت أن العام هو عام ،1992 وأن رئيس وزراء بريطانيا الحالي هو جون ميجور، وأنها تستعد للجلوس لامتحان ال GCSEs “الذي يؤهل للالتحاق بالجامعة” .

أما الهواتف الجوالة والإنترنت فكانت بمثابة ألغاز شديدة الغموض بالنسبة لها، والأمر الأسوأ هو، عدم تمكنها من معرفة ابنها ليو، الذي يبلغ من العمر الآن 11 عاماً .

وتقول جاكوبز: نظرت في المرآة وانتابني أكبر رعب في حياتي عندما رأيت امرأة ذات تجاعيد تنظر إليّ، ثم ظهر هذا الصبي الصغير وبدأ يناديني باعتباري أمه . وفي تلك اللحظة أجهشت بالبكاء والصراخ . إذ إنني لم أكن أدرك، من يكون هذا الصبي، ولم أكن أعتقد أنه أصغر مني بكثير، وبالتأكيد لم أتذكر أنني أنجبته .

وتسرد نعومي جاكوبز تفاصيل المأساة التي تعرضت لها بقولها: “أخذت أنتحب بلا ضابط . ولو قلت إنني تسمرت في مكاني من شدة الجزع والخوف، سيكون ذلك تبخيساً لما حدث لي وما كنت أشعر به . لقد كنت في أمس الحاجة لوالدتي . لم أتسطع تفهم التحول المفاجئ الذي حدث لي بين عشية وضحاها . . ونقلني من قرن زمني لآخر” .

وقبل أن ينتابها هذا العارض الصحي المفاجئ، كانت نعومي جاكوبز قلقة بشأن العمل الخاص الذي تديره، وكانت تستعد لاجتياز امتحانات تؤهلها لنيل شهادة في علم النفس . وكانت قد انفصلت عن والد ابنها .

وبسبب هذه الحالة التي تعرضت لها، حدث توقف للجزء “العرضي” من ذاكرتها، وهذا يعني أنها فقدت كل ذكرياتها العاطفية .

بيد أن ذاكرتها الدلالية كانت لا تزال سليمة، وهذا يعني أن بإمكانها تذكر أشياء فعلتها مراراً وتكراراً كقيادة السيارة، وأرقام هواتف تتصل بها بانتظام، ولذلك تمكنت من مهاتفة أختها وصديق لكي يساعدوها، وبالفعل حضروا وأخذوها لطبيب .

ولا يوجد علاج محدد لهذه الحالة سوى دعم وتطمين المصاب بوساطة أسرته وأحبائه .

ولحسن الحظ، كانت نعومي جاكوبز تمتلك هذه المقومات المعنوية، وبعد 8 أسابيع بدأت ذاكرتها تعود لوضعها الطبيعي .

وبإمعانها في مراجعة مذكراتها ويومياتها القديمة، تمكنت من إعادة تجميع تفاصيل حياتها، واسترجعت، حالياً، معظم ذكرياتها .

وقد تحدثت نعومي جاكوبز عن محنتها، مع وسائل الإعلام البريطانية، وكان ذلك على هامش احتفائها بنشر رواية كتبتها تسرد فيها تجربتها المريرة التي بدأت عام 2008 .

وتقول جاكوبز: “أمضيت 3 أعوام من العمل المضني لإعادة تجميع ذكرياتي، وقد أعانني ذلك على تثمين وتقدير كل ما أملكه وأتمتع به” .

وتضيف: “عندما عدت لسن ال ،15 اعتقدت أنني سأزور نصف الكرة الأرضية عندما أبلغ سن ال ،30 وقد كانت صدمة مروعة لي حينما اكتشفت أنني لست سوى أم عادية عزباء تقود سيارة قديمة . وقد تولى أفضل أصدقائي وشقيقتي كل اتصالاتي نيابة عني . لم تكن لدي فكرة عن كيفية استخدام الهاتف المتحرك، ولم يكن لدي أي تصور يتعلق بالبريد الإلكتروني . وفي الأشهر القليلة الأولى، كنت أحاول بيأس، إضفاء معنى وقيمة لحياتي . وفي الأمسيات، كنت أستلقي مستيقظة وأنتحب، وكان لدي توق شديد للعودة للمدرسة . وفي البداية، ناضلت لكي أترك منزلي، وأغامر بالتجول في الخارج .

وتضيف: لم تكن تجربتي بمثابة مغامرة مسلية -كمغامرة مايكل جيه فوكس في فيلم العودة للمستقبل- كنت أستسلم للنوم ورأسي مثقل باحتمالات وتوقعات لا حصر لها، وأصحو على كابوس، وقد اضطرت شقيقتي وصديقي، لتوضيح وشرح الأحداث العالمية بعناية لي كهجمات 11 سبتمبر/أيلول والحرب ضد العراق وأفغانستان، وقد بدت لي محركات البحث على الإنترنت “غوغل، فيس بوك، يوتيوب . . .” مصطنعة تماماً .

وعندما رأيت، للمرة الأولى، ابني ليو يلعب بجهاز ال”إكس بوكس”، ويستخدم التلفزيون التفاعلي، صعقت وذهلت بشدة .

وعلى الرغم من أن تجربتي كانت مروعة، إلا أنني ممتنة للغاية لعودتي للواقع الآن .
هذه المحنة جعلتني أعيد تقييم حياتي وأتخذ قراراً بمتابعة وتنفيذ حلم طفولتي بأن أصبح كاتبة .





ما هو فقدان الذاكرة "الشامل" العابر؟

فقدان الذاكرة الشامل العابر، الذي يرمز له بالأحرف “TGA”، هو نمط من أنماط فقدان الذاكرة يتضمن خللاً واضطراباً مفاجئاً في ذاكرة شخص “كانت بخلاف هذا الاضطراب المفاجئ سليمة تماماً” .

والافتراضات الطبية التي يرى العلماء أنها يمكن أن تسبب هذه الحالة هي الإصابة بشكل من أشكال الصدع، أو حدوث مشكلة تتعلق بسريان الدم من أو إلى الدماغ أو التعرض لنوع من أنواع الصداع النصفي .

وترتبط نوبات فقدان الذاكرة العابر “TGA” بحدث مفاجئ في ثلث الحالات على الأقل، ويكون هذا الحدث ذا طابع عاطفي قوي لدى النساء، ويكون ذا صلة بالإجهاد البدني بالنسبة للرجال .

والأحداث المفاجئة الأكثر شيوعاً، التي تترسب في الذاكرة، تشمل الاتصال الجنسي، السباحة في مياه باردة، أو التعرض لتقلبات مناخية مفاجئة، إضافة للصدمات العاطفية أو الأحداث المقلقة .

وفقدان الذاكرة الشامل العابر يكون أكثر شيوعاً عند من تتراوح أعمارهم بين 56 و،75 “معدل العمر الوسطي للإصابة بفقدان الذاكرة الشامل العابر هو 62”.




م/ل