عرض مشاركة واحدة
غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 5 )
عضو مشارك
رقم العضوية : 6387
تاريخ التسجيل : 29 06 2009
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 251 [+]
آخر تواجد : 06 - 09 - 15 [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : سهاج is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
افتراضي رد: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانً

كُتب : [ 04 - 11 - 09 - 01:05 AM ]


فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا }


الأف في الأصل : وسخ حول الظفر, وقيل وسخ الأذن, ويقال عند استقذار الشيء, ثم استعمل ذلك عند كل شيء يضجر منه ويتأذى به. وقيل أن أصلها نفخك للشيء يسقط عليك من تراب أو رماد وللمكان تريد إماطة أذى عنه, ثم قيلت لكل مستثقل. وقال الزجاج : معنى أف : النتن. (1)

(أف) اسم فعل مضارع بمعنى: أتضجر.

نسنتنتج مما تقدم أن اف تعني :

اسم صوت ينبىء عن التضجر.
اسم فعل بمعنى أتضجر.


كلمة أف تدل على انفعال طبيعي، و في الآية الكريمة دعوة إلى عدم التلفظ بها تذمرا من الأبوين, ولعل سائل ئسأل ماهي الفائددة البلاغية في مجيء " ولا تنهرهما " بعد ذكره " فلا تقل لهما أف ", ألا يمكن الاستغناء عن ذلك؟

الجواب :

التهر والانتهار : الزجر بمغالظة.

نهره وانتهره إذا استقبله بكلام يزجره.

إن التعبير القرآني متناه في القوة, فهو يود أن يؤكد على أهمية الإحسان إلى الوالدين من كل الزوايا, ومجيء { لا تنهرهما } لها أهميتها في البيان الإلهي, ذلك لأن النهر هو الزجر بقسوة، وهو انفعال تالٍ للتضجر وأشد منه قسوة, فالآية تدعو الإنسان إلى الحذر التام من التلفظ بالتأفف ، ومن نهر والديه .

قال الرازي : المراد من قوله " فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ " المنع من إظهار التضجر بالقليل أو الكثير, والمراد من قوله " وَلاَ تَنْهَرْهُمَا " المنع من إظهار المخالفة في القول على سبيل الرد عليه والتكذيب له. " (2)

يفيد النهي في قوله تعالى { فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ } المنع من سائر أنواع الإيذاء.

ثم جاء التأكيد مرة أخرى على ما ينبغي قوله لهما : { وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا }

الكريم في اللغة : اسم جامع لكل ما يحمد. (3 )

في اللسان : " وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا " أي سهلا لينا.

فالقول الكريم هو القول السهل اللين المقرون بإمارات التعظيم والاحترام.


لماذا جاءت " أفٍّ " منونة. هل للتنوين فائدة بيانية؟

التنوين أقسام : تنوين تمكين, وتنوين تنكير, وتنوين عوض.

نوع التنوين في " أفٍّ " تنوين تنكير, وهو نوع من التنوين يلحق بعض أسما ء الأفعال.


إيه : اسم فعل بمعنى زد من حديثك.


صه : اسم فعل, بمعنى اسكت.

مالفرق في قولنا : صهْ و صهٍ.

عندما نقول لشخص صهْ فإننا نطلب منه أن يسكت عن حديثه الذي هو فيه, أما إذا قلنا له صهٍ فإننا نطلب منه السكوت عن كل حديث.


وعندما نقول لشخص ( إيهِ ) فإننا نطلب منه الاستزادة في حديثه الذي يحدثنا إياه. أما إذا قلنا له ( إيهٍ ) فإننا نطلب منه الاستمرار في حديثه والمجيء بعده بحديث آخر وهكذا.

والآن دعونا نتقل إلى أف. هل هناك فرق بين " أف " غير منونة و " إفٍ " منونة؟

الجواب : نعم.

لقد جاء القرآن بـ " أفَّ "منونة ليدل بها على كل أنواع التضجر والاستقذار دون استثناء, وفي هذا قوة بيانية تضاف إلى ما أشرت إليه سابقا, ولو جاء بها غير منونة لدلت على نوع خاص من التضجر, فتأمل روعة اختيار الألفاظ المعبرة عن المعنى في القرآن الكريم.

أرأيت روعة البيان القرآني!

---

هوامش :

(1) لسان العرب لابن منظور.
(2) التفسير الكبير للرازي الجزء 20
(3) لسان العرب لابن منظور.

__________________
اللّهُمَّ اجْعَلْني مَعَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ في كُلِّ عافيةٍ وَبَلاء، وَاجْعَلْني مَعَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ في كُلِّ مَثْوىً وَمُنْقَلَبٍ. اللّهُمَّ اجْعَلْ مَحْياي مَحْياُهْم وَمَماتي مَماتَهُمْ، وَاجعَلْني مَعَهُمْ في المَواطِنِ كُلِّها وَلا تُفَرِّقْ بَيْني وَبَيْنَهُمْ إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيٍ قَديرٌ.


رد مع اقتباس