عرض مشاركة واحدة
غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 1 )
عضو ماسي
رقم العضوية : 6151
تاريخ التسجيل : 27 05 2009
الدولة : أنثى
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 1,724 [+]
آخر تواجد : 24 - 04 - 12 [+]
عدد النقاط : 16
قوة الترشيح : أميرة الإبداع is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
افتراضي كن كالشجر ترميه الناس بالحجر فيجود بأطيب الثمر

كُتب : [ 02 - 05 - 10 - 12:19 AM ]

إن من مجالات الذوق البالغة الأهمية في حياتنا ما يلي:-
- أولاً: الامتناع عن مجاراة السفهاء والجهلاء:
قد تُبتلى بالسفيه أو الجاهل في أي مكان، في الطريق، أو في العمل، أو في السفر.. وغير ذلك، وربما يؤذيك بسفاهته وجهله، فليس من الذوق أن تجاريه وتستثيره، تجنباً لما يخرج منه من قولٍ سيئ؛ لذا كان التوجيه القرآني في هذا الشأن، حيث وصف رب العزة عبادالرحمن بقوله تعالى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا) (الفرقان/ 63).
ولله در الشاعر، إذ يقول:
لا ترجعنّ إلى السفيه خطابه ***** إلا جواب تحية حيالها
فمتى تحركه تحرك جيفةً ***** تزداد نتناً إن أردت حراكها
ومن الذوق تجنب مجاراة السفيه أيضاً حتى لا تكون مثله، يقول أبو تمام:
إذا جاريت في خلق دنيّاً ***** فأنت ومن تجاريه سواء
- ثانياً: التسابق في خدمة الزملاء:
قد تسافر مع بعض زملائك وتغترب للدراسة أو لأي غرض، ويتطلب الموقف أن تخدموا أنفسكم بأنفسكم، فإذا كانوا بصدد إعداد طعام مثلاً فيجب أن تكون سبّاقاً، ومن الذوقً أن تشارك مشاركة فعّالة في خدمتهم، فخادم القوم سيدهم، بيد أن بعض الناس للأسف ينتظر غيره ليخدمه، ولا يشارك بأي مجهودٍ، وتلك قلة ذوق، فبأي منطق يجلس البعض متكئين، لا يشارك إلا في التهام الطعام، ويمتنع عن إعداده، أو وضعه على المائدة أو رفعه من عليها.
- ثالثاً: تجنب السخرية والتشفي من الغير:
هناك شخص توصف نفسيته في علم النفس بـ"نفسية الصراع"، فهو دائم الهمز واللمز لمن خالفوه، وقد حذّر القرآن الكريم من ذلك وشدّد فيه، وتوّعد صاحبه بقوله تعالى: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) (الهمزه/ 1).
فمن الذوق أن نقدِّر الناس، وأن نحترم مشاعرهم، وأن نستوعب عاهاتهم، ونقدر ابتلاءاتهم، فربما يكون أحدهم مبتلى بداءٍ يصعب الفكاك منه، فإذا سخر منه الآخرون فتحوا بذلك مداخل للشيطان في إيغار صدره، وإثارة أحقاده على غيره.
ومن الذوق أيضاً أن نرقى بأنفسنا عن الضغائن، وألا نبحث عما قوله غيرنا في حقنا من مساوئ أثناء غيابنا، حتى لا نعيش في أجواء كلها صراعات، فيذهب هدوؤنا وترحل سكينتنا، ويضعف إيماننا.
وما أروع قول الشاعر العلاء بن الحضرمي وهو صحابي جليل معروف – حيث أنشد:
وحي ذوي الأضغان تسب قلوبهم ***** تحية ذي الحسنى فقد ترقع النقل
فإن دحسوا بالشر فاعف تكرماً ***** وإن كتموا عنك الحديث فلا تسل
فإن الذي يؤذيك منه سماعه ***** وإن الذي قالوا وراءك لم يقل
وقد تكون واحداً في فريق عمل، فتجد مجموعة من هواة العيش في أجواء ساخنة تشبه الصراعات بين الجشعين من تجار الدنيا، ويتكتلون ضدك، ويكوّنون ما يسمى "اللوبي"، وتضيع منهم الموضوعية في تقييمك وتقييم أدائك، لأن لديهم اتجاهاً عدوانياً تجاهك وتجاه كل أعمالك وأفكارك، وهؤلاء ليس لهم نصيب من الذوق وضعيفو الإيمان؛ لأن نفس المؤمن الصافية تتعب عندما تعيش في هذه الأجواء المليئة بالتآمر والتعصب والعنصرية والخصومة والغيبة.
يقول الإمام النووي: "قال بعضهم: ما رأيتُ شيئاً أذهب للدين، ولا أنقص للمروءة، ولا أضيع للذة، ولا أثقل للقلب من الخصومة، وكم من كلمات الغيبة التي يزينها الشيطان تحت رونق النصح ومعرفة الواقع، بينما هي في الحقيقة نفثات مصدور، وتمضمض بالأعراض، يكرّ على الحسنات فيفنيها" (الإمام النووي: الأذكار).
- رابعاً: التفسح في المجالس:
فقد تكون في مجلس علم أو غيره، ويأتي غيرك ليجلس فلم يجد مكاناً، فهنالك لابد أن تفسح له، وأن تسعه معك كأن توسع الدائرة، أو تقترب من جارك في المجلس على يمينك أو على يسارك حتى يجد مكاناً له، وقد أكّد القرآن الكريم هذا الذوق الرفيع في قوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (المجادلة/ 11).
ويقول الأصمعي: "كان الأحنف إذا أتاه إنسان وسّع له، فإن لم يجد موضعاً تحرّك ليريه أنه يوسع له" (عيون الأخبار).
- خامسا : ذوقيات قيادة السيارة واستعمالها:
قد تسير في طريقك فتجد من يطاردك ويلتصق بسيارتك من الخلف، ويعطيك أصواتاً مزعجة من آلة التنبيه، وربما تسير ليلاً ومعك زوجتك وأولادك، فيقلب أضواء سيارته المرتفعة من خلفك، لانه يريد أن يسير بسرعة 150 كم في الساعة مثلاً، في حين أنك تسير بأقصى سرعة يسمح بها الطريق!!
وقد تجد آخر يفتح باب سيارته ويلقي بالنفايات على الطريق، أو يبصق فيه!! وقد تخرج من بيتك في عجالة لتلحق بعملك فتجد من سدّ الطريق على سيارتك فلا تستطيع الخروج.
- سادساً: ذوقيات المائدة:
علمنا الإسلام ذوقيات كثيرة خاصة بالمائدة، أهمها:
1- التسمية والأكل باليمين والأكل مما يلي الآكل، فقد وجه (ص) غلاماً رآه لم يلتزم بهذه الذوقيات بقوله: "يا غلام، سمّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك".
2- تجنب الشره والبطنة، فمن هدي الرسول (ص): "ماملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه".
3- الأكل من الطعام إن أعجبك، والكف عنه وعن إبراز عيوبه إن لم يعجبك، فذلك من هدي النبي (ص) في ذوقيات المائدة.
4- الانتهاء عن متابعة اللقلم والسرعة في الأكل، ولذلك نهى رسول الله (ص) عن "القرآن" في التمر كما ورد في صحيح البخاري، و"القرآن": هو أكل تمرتين معاً، لأنه يدل على النّهم والشره وسرعة الأكل.
ومن الطرائف في ذلك وصف الرصافي لشخص أكول، حيث أنشد فيه:
أكب على الخوان وكان خفاً ***** فلما قام أثقله القيام
ووالى بينها لقماً ضخاماً ***** فما مرئت له اللقلم الضخام
وعاجل بلعهن بغير مضغ ***** فهنّ بفيه وضع فالتهام
فضاقت بطنه شبعاً وشالت ***** إلى أن كاد ينقطع الحزام
5- تجنب النظر لغيرك وهو يأكل، فقد روي أن أعرابياً حضر مأدبة أحد خلفاء بني أمية، فأنشأ يأكل والخليفة ينظر إليه، فرأى الخليفة في لقمة الأعرابي شعرةً، فنبهه إليها. فقال الأعرابي: أتنظر إليّ نظر من يرى الشعرة في اللقمة؟! والله لا أصبت من طعامك بعد هذا. فقال الخليفة: استرها عليّ يا أعرابي ولك ألف دينار!!
م/ن

رد مع اقتباس