عرض مشاركة واحدة
غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 15 )
عضو
رقم العضوية : 8924
تاريخ التسجيل : 14 07 2010
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 56 [+]
آخر تواجد : 24 - 07 - 15 [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : المشاري is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
افتراضي رد: الايغور ماالايغور

كُتب : [ 18 - 07 - 10 - 05:28 PM ]

كان الأمير السجين يعلم أن نهايته الموت، ونحن ننطق كلمة الموت هكذا ببساطة، أو نكتبها على الورق دون أن تثير في نفوسنا مضاعفاتها المرعبة المدمرة، أميرنا يقف على أعتاب الموت... ليس هذا أمرا هينا.. وعندما يموت الإنسان يترك أحلاما جميلة لم تكتمل.. يودع ربيعا نابضا بالحب لم يذبل بعد، وعندما يموت الإنسان ينظر إلى عيني طفله الصغير اللاهي ويقرأ في العينين الصغيرتين أحلى قصيدة شعر، وينظر إلى النسوة والرجال الذين أحبهم .. ثم يتصور أنه بعد ذلك سوف يأوي إلى حفرة نائية مظلمة لا حس فيها ولا خبر.. ويطول به المقام فيها ربما لآلاف السنين.. ينام عاجزا في قبره.. والأحداث التي تهز العالم تضطرم حوله دون أن يستطيع المشاركة في شيء.. ويضحك الأطفال وتبتسم الغيد الحسان وتخضر الأرض، وتورق الحدائق، ويجوس الطغاة خلال الديار ويعبثون وينهبون ويرغمون المسلمات على الزواج.. وهو ..هو الأمير.. تحت التراب يرقد عاجزا كقطعة من خشب متعفن.. أليس الموت رهيبا..؟؟

وكتب أمير القومول السجين رسالة عاجلة إلى القائد الصيني يعتذر له فيها عل ما بدر منه من جفاء، ويعده بالنظر في الأمر من جديد بطريقة فيها النجاة والفائدة، وطلب منه أن يسمح بلقائه..

ابتسم القائد الصيني وأغمض عينيه برهة، كان يفكر في الأميرة الجميلة وليلة الزفاف الكبرى، والمتع التي سوف يجنيها .. وخيل للقائد آنذاك أن كل شيء تحت تصرفه، وليس في الإمكان أن يستعصي عليه أحد، وهو شعور ينتاب المنتصر القوي دائما، ولو للحظات قصار، وفي هذه اللحظة ينظر إلى البشرية بعين الرثاء والعطف.. عطف القادر المتعالي المتغطرس.. وقال القائد:
أحضروا الأمير إلى المجلس لنرى ماذا يريد.

سر أيها الأمير المسكين ولا تحزن، فلن يضيرك أن تكون في يدك الأغلال، أو يحيط بك كوكبة من الصينيين الأجلاف الذين يتطاولون في البنيان ويشمخون بأنوفهم الصفراء...

سر يا أمير قومول وأغمض عينيك حتىلا ترى مظاهر الاستخفاف والعنهجية، وامض في طريقك حذرا، وسد أذنيك عن الكلمات السخيفة، وغض بصرك عن الملامح الشامتة والنظرات التي تنبض بالحماقة والتشفي.
عم صباحا أيها القائد.
مرحبا بك يا أمير.

وجلس الأمير خافض الرأس، وظل الأمر هكذا حتى أمر لاقائد أغلب رجاله بالانصراف، وما أن خلا الجو حتى مال الأمير التركستاني على القائد هامسا:
إن أمرا كهذا لا يحله العنف.

قال القائد:
لم أجد وسيلة أخرى بعد أن أمهلتكم.. وأنت نفسك رفضت زواجي من الأميرة..
نستطيع أيها القائد "الصديق" أن نعالج الأمر برفق..
كيف؟؟
عندي فكرة..
ما هي؟؟
وطرح الأمير أمام القائد فكرته، وهي أن تتركز في أن يطلق سراح الأمير، حتى يتمكن من الاجتماع بعلماء الشريعة، ويناقش الأمر معهم، لعله يستطيع الحصول منهم على "فتوى" دينية تبيح مثل هذا الزواج، وتلتمس له الأدلة في بطون الكتب القديمة، فإذا ما وفق الأمير لإخراج مثل هذه الفتوى الممهورة بتوقيع الفقهاء، حل الإشكال، وساد الهدوء ونعم الجميع بالأفراح والسعادة..
ابتسم القائد الصيني وعبث بشاربه وتمتم:
أرى أننا نقترب أكثر فأكثر.. والشقة تضيق بيننا.. وصدقني إنني قادر على أن أبقيك على كرسي الإمارة..إن لي كلمة مسموعة لدى القيادة..وأخذ القائد يقهقه بصورة أدهشت الأمير الذي قال:لا أشك أنك سعيد أيها القائد.كل السعادة يا أمير.. كلما تصورت أن الأميرة بين ذراعي.. وأنني سأنجب منها أطفالا غاية في الروعة والجمال.. أكاد أجن من الفرح.. سوف نصبح أسرة واحدة سعيدة.. ولن يكون هناك غالب أو مغلوب..
هذه الفلسفة الحمقاء التي تتوارى تحت ستار الإنسانية والأخوة، أشد ما أمقتها.. ابنتي بين ذراعيه يا للمهزلة!! إنني أشعر بالتقزز والغثيان، فما بال المسكينة إذا وقعت بين براثن هذا الحيوان، وانسكب في سمعها الرقيق غزله السمج.. ابنتي تجالس هذا الوحش؟؟ كيف؟؟ أعرف أن الإنسان ليس شحما ولا دما ولا لونا فحسب.. إنه الفكرة والمعتقد.. الأشياء العظيمة التي يؤمن بها الإنسان هي التي تجعلني أنظر إليه وأقيمه فأحبه أو أكرهه، والفكر يعطي كومة اللحم والعظم معنى وتقبلا وشفافية.. الفكر يغطي الهيكل.. يكسبه ثيابا.. يجعله يبتسم ابتسامته المقبولة، ويتحدث حديثه المحبوب، يجعله إنسانا..!!!!!!!!!

رد مع اقتباس