برغم كل الحروف .. وبرغم كثرة الكلمات .. إلا أنني أعجز عن التكلم .. أعجز عن التعبير .. أعجز حتى عن نطق تلك الكلمات .. لقد ضاقت بي ذرعا الحروف فطردتني بعيداً عن لغتها .. بعيداً عن كلماتها .. حتى بتُ لا أُجيد سوى لغة الصمت .. أهي مشكلتي أنني لا استطيع حبك الكلمات .. أم ان الحروف هي التي تهرب مني .. أأصمت؟؟؟ ...
عندما أكون معك أنت .. تتبعثر حروفي أمام عينيك الخضراوتين .. تُربك كلماتي بمعطفك الطويل ...ذلك المعطف الذي تختبئ خلفه .. وباختبائك هذا تزيدني برداً... أجلس معك وأنا في معركة مع الجُمل !! ... ...أنت الذي لطالما اختصرت الكلمات .. جمعت حروف قليلة بكلمات قصيرة .. أنت الذي لطالما بترت الجُمل لتُضيعني بضباب كلماتها المبتورة .. فأتأرجح أنا بين أفكاري!!...تزعجني بغموضك .. وتقتلني بسكونك .. فلا نصدر صوتا لنستمع إلى صخب الصمت وضوضائه ... وكأننا نستمع إلى مقطع موسيقي من سانوتا ضوء القمر لبتهوفن !!! فنضيع بين نوتات صمتنا و إيقاعات هدوئنا وسكوننا!
بعد صمت طويل تُقرر بداية معركة بالكلمات .. ولكنني لا أجيد استخدامها وأنت أمامي !!!!! .... إذن كيف سأنجو من ضرباتك !!!.. طالما هذا لقاؤنا الأخير .. إذن سأرحل .. وسأترك لك السطور خالية لتمرح بنصرك .. سأترك الصمت هو سيد الموقف كما كانت بداية لقائنا .. بصمت !!.. أليس هناك مثل يقول (( إذا كان الكلام من فضة .. فالسكوت من ذهب !!)).. لن أُضيع وقتي بحثاً عن الكلمات بين الحروف لأُبرر رحيلي .. .. ولن أُضيع وقتي بسماع المزيد من الصمت والاختباء خلف المعاطف ..سأرحل .. لكن اعلم أن الكُتاب يكتبون القصص والروايات ليقتلوا بها من أحبوه يوما فيدفنوه بين السطور والصفحات .. إذا سأقتلك أنا أيضا بالحروف والكلمات التي لم استطع يوما التلفظ بها وأنت معي!! .. بالحروف والكلمات التي لطالما كنت تُربكها انت بحضورك!! .. بجاذبيتك!! .. سأكتبك رواية تكون عزائي الأخير بك .. سألبس الحداد فيها ثم أمحوك من دهاليز الذاكرة صدقني ! .. سأقتلك .. بالحروف والكلمات ..
مماراق لي