من كان منكم مستناً فليستن بمن مات
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله... وبعد..
( من كان منكم مستناً فليستن بمن مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة)
يروى هذا الأثر عن الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه كما أخرجه اللالكائي في (شرح اصول اعتقاد أهل السنة) برقم 130 – و الطبراني في المعجم الكبير 9\152- وابو نعيم في حلية الأولياء 1\136، قال الهيثمي في مجمع الزوائد 1\188 (رجاله رجال الصحيح)
وللأثر عدة روايات مذكورة في الكتب السابقة. منها (ألا لا يقلدن أحدكم دينه رجلاً، إن آمن آمن وإن كفر كفر، فإن كنتم لابد مقتدين، فبالميت، فإن الحي لا يؤمن عليه الفتنة) و (لا تقلدوا دينكم الرجال، فإن أبيتم فبالأموات لا بالأحياء)
كما يروى عن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما كما أخرجه ابو نعيم في الحلية بلفظ (من كان مستنا فليستن بمن قد مات، اولئك اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا خير الأمة، أبرها قلوباً، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه) واسناده حسن.
- الفوائد والأصول التي دل عليها الأثر :
1- وجوب لزوم منهج السلف : وهم الصحابة ومن اتبعهم بإحسان، فهو المنهج الحق والصراط القويم الذي يلزم كل مسلم سلوكه واتباعه. قال تعالى (يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) قال ابن عمر "مع محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه" تفسير ابن كثير 4\170 وقال صلى الله عليه وسلم (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) متفق عليه
2- التحذير من المناهج البدعية المخالفة والمناوئة لمنهج السلف : ولا ريب أن هذا من الأصول المقررة عند السلف الصالح. قال ابو عثمان الصابوني في وصف عقيدة السلف وأصحاب الحديث " ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه، ولا يحبونهم، ولا يصحبونهم ولا يسمعون كلامهم ولا يجالسونهم ولا يجادلونهم في الدين ولا يناظرونهم ......الخ ) 114
3- ذم التقليد والتحذير منه، وعدم تقديس الأشخاص والغلو فيهم وخاصة الأحياء منهم : لا خلاف بين الناس أن التقليد ليس بعلم وأن المقلد لا يطلق عليه اسم عالم وهذا قول أكثر أهل العلم. قال ثوبان رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أخوف ما أخاف على أمتي من بعدي الأئمة المضلين) رواه احمد وابودواد والترمذي وصححه الألباني. ومن المعلوم أن المخوف في زلة العالم تقليده فيها، إذ لولا التقليد لم يخف من زلة العالم على غيره، فإذا عرف أنها زلة لم يجز له أن يتبعه فيها باتفاق المسلمين. عن عبدالله بن العباس رضي الله عنهما (ويل للأتباع من عثرات العالم، قيل، وكيف ذلك؟ قال : يقول العلام من قبل رأيه ثم يسمع الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيدع ماكان عليه) اخرجه البيهقي والبغدادي في الفقيه والمتفقه. وعن تميم الداري رضي الله عنه قال : (اتقوا زلة العالم فسأله عمر وابن عباس ما زلة العالم؟ قال : يزل بالناس فيؤخذ به، فعسى أن يتوب العالم والناس يأخذون بقوله) اخرجه البيهقي والبغدادي في الفقيه والمتفقه.
4- ممن يؤخذ العلم والدين : عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (البركة مع أكابركم) اخرجه ابن حبان والحاكم والبيهقي وصححه الألباني. قال المناوى في شرحه لمعنى الأكابر (المجربين للأمور المحافظين على تكثير الأجور فجالسوهم لتقتدوا برأيهم وتهتدوا بهديهم، أو المراد من له منصب العلم وإن صغر سنه فيجب إجلالهم حفظاً لحرمة ما منحهم الحق سبحانه وتعالى) فيض القدير 3\220
وعن عبدالله بن مسعود قال (لا يزال الناس بخير ما اخذوا العلم عن أكابرهم، فإذا أخذوه من أصاغرهم وشرارهم هلكوا) اخرجه ابن المبارك وابن عبدالبر.
" فيا طالب العلم كن سلفياً على الجادة واحذر المبتدعة أن يفتنوك، فإنهم يوظفون للاقتناص والمخاتلة سبلا، يفتعلون تعبيدها بالكلام المعسول وهو عسل مقلوب وهطول الدمعة وحسن البزة، والإغراء بالخيالات والإدهاش بالكرامات ...الخ" حلية طالب العلم لبكر ابو زيد ص 30
قال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن رحمه الله "فعليك بكتب أهل السنة واحذر من كتب المبتدعة فإنهم سودوها بالشبهات والجهالات التي تلقوها عن أسلافهم وشيعهم"
ما سبق مختصر من رسالة (الكواكب النيرات بخريج وشرح اثر من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات ) للشيخ الدكتور خالد بن قاسم الردادي المدرس بالجامعة الاسلامية بالمدينة النبوية – حفظه الله