أن يكون ( الريّس ) بهذا الذكاء الخارق وبهذا الدهاء وبهذه القوة والتماسك في التعامل الدبلوماسي والمُحنك مع أزمة شعبية كبيرة جداً فـ هذا أمر جيّد ,
لكنه أيضاً غير كافي إطلاقاً يا سيّادة الريّس لإستمرارك على كرسي الرئاسة ..
ولن يكون مُقنعاً أبداً للجماهير التي تُطالب وبإصرار على رحيلك وإسقاط نظامك ..
فـ الشعب ( فاض بيه الكيل يا بيه ) ,
الشعب لم ينزل للشارع إلا بعد ما ضاقت فيه جدران البيوت الصابرة ونهشته أنياب الجوع الكافرة ,
و ( العيال ) اللي كانوا لا يتعدى أفق تفكيرهم الـ ( 150 جنيه معاش آخر الشهر ) و لقمة العيش البسيطة
و ( بيبوسوا إيدهم وش وقفا ع النعمه )
( كبرت يا سيّادة الريس ) ..!
الشعب لم ينزل ( يا سعادة البيه ) للشارع إلا بعدما عرف جيداً حقوقه المسلوبه ,
وخيرات بلده المنهوبه تحت تشريع السلطة ومباركتها ..
اليوم لسان حال الشعب يصرخ بـ ( أنا عايز حقي )* اللي عاش طيلة الثلاثين سنه الماضية محروماً منه
و مُلقى على أعتاب الجوع تحت خط الفقر ..
( وآخد بالك سيادتك .؟ )
تحت خط الفقر في أكبر بلد سياحي عربي , يتوافد عليه السيّاح طيلة أيام السنه و يمتلك أعظم الآثار لأعظم حضاره عرفها التاريخ الحضارة الفرعونية ..
الشعب اللي عاش حروب وأزمات وويلات السبعينات والثمانينات الميلاديه و بعدها عاش في عهد من الرخاء والسلام عهد ( سيّادتك )
وتعوّد أن يشكرك و يمسح لك الجوخ كل يوم و ليله أُحيل ( للمعاش ) !
وجاء اليوم دور جيل التسعينات الأكثر إنفتاحاً و تعلُماً والمتطلب كثيراً والمُطلع على الأوضاع في العالم كله من حوله ,
وعارف ( كويس ) اللي له واللي عليه ..
وها هو الآن ثائر وغاضب ولن تهدئ نوبة غضبة مسكناتك بإقالة الحكومة , وتعيين نائب للرئيس
فمطالبهم واضحه ( وما بتصعبش عليك ... فما تصعبهاش بئه يا بيه !! )
الشعب على مدار اربع أيام خسر ( يا ريّس ) ومازال يخسر المزيد من أبناءه ضحايا وقتلى وهذا هو ثمن الحرية دائماً غالي جداً ..
و( سيّادتك ) تلتزم الصمت طويلاً
ثم تخرج لتُصرح بهدوء مُستفز للجماهير , و تتجاهل نزيف الدماء المسكوبة و كأنك لا تعلم أن وقود الثورات هي دماء أفرادها ..!
إرحل ( يا سيادة الريّس )
إرحل أرجوك ... مادام هذه مطالب الشعب فعليك تلبيتها ..
لأننا نُحب الشعب المصري ونغار على قاهرة المُعز لدين الله نُطالبك بأن ترحل حفاظاً عليها جميلة بآثاراها ونيلها وعرقتها وثقلها كـ عاصمة عربية مهمه في خارطة الشرق الأوسط ...
* ( العيال كبرت + انا عايز حقي ) إسمين لمسرحيتين مشهورتين ..
* أول مقال سياسي أكتبه .. أتمنى أن أكون وُفقت في تجربتي الأولى ..
عاد إن مارحل أبو جمال بعد هالمقال .. مالي إلا الشعر سأهجوه علّه يؤثر فيه < يا كبر المقلب كبراه (: