صباح الخير على الجميع
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
اليوم جايب لكم سالفة حدثت لقريب أحد زملائنا في العمل وهو مري وانا خابركم تحبون السوالف الطيبه والتي فيها عبره وعظة...
كان مناسبة رواية هذه الحادثة أن بعض الناس في بعض الأحيان يوقع نفسه في الخطر او يعرض نفسه للهلاك وهو يظن أنه في منأ عنه..
مالكم بطولة الهرجه يقول الراوي وهو زميلي المري:
كان الفصل بين فصلي الخريف والشتاء وكان الجو في مجمله جميلاً وكان عيد الأضحى على الأبواب وأرد أحد جماعته وهو رجل كبير وأبنه ذو السابعة عشر أن يزوروا أهلاً لهم ولعله قال في الرمله في الربع الخالي ويباركوا لهم بالعيد ويشاركوهم الأفراح به في ديارهم ..
عزم الرجل وولده على الرحيل فذهبا الى معارض السيارات في الرياض وأشتريا لهم جيب شاص جديد موديل السنة ومن ثم تمونا بدرامين من البنزين ومياه كافيه وبعض العدد مثل رقع للكفارات و لساتك وغيرها مما يحتاجه المسافرون في هذه المدالك المهالك في الربع الخالي...
ولكنهما لم يأخذا معهما من الأكل إلا القليل جداً..
أنطلقا في صبيحة اليوم التالي بعد ان شيكا على السيارة وسارت امورهم على ما يرام وعندما أنقطع الأسفلت عبرا الصحراء ثم تلاطمتهم النفود التي تشبه الجبال من أرتفاعها...
وكان الشايب المري صاحب فراسة ودراية بالأرض حيث لم يكن يخفى عليه في الأرض التي يعبرون لا شجر ولا طرق ولا بئر ولا سهل ..
وكان يوجه أبنه الصبي في الطريق الصحيح وفجأة وبينما هم يسيرون بخط مستقيم فوق أحد العروق الرملية قطع العرق عرقاً أخراً مثل علامة الصليب وبينما كان الصبي يحاول أن يتخطى العرق ...!!!
أختلف توازن السيارة وانقلبت ثم تدرحرجت محدثة حوالي عشر قلبات من أعلى العرق الى أسفله ثم أسقرت بين العروق رأساً على عقب وقد كانت مع عدم وقوفها على كفاراتها قد تعلقت على كبوت السيارة وعلى مؤخرة الصندوق وأصبحت الغمارة معلقه!!!
وبعد هول الحادثه قام الولد الصغير ينظر في أباه !!!
فإذا هو يئن...حاول أن يخرجه من الغمارة فلم يستطع!! لأن أباه رجل كبير وثقيل في الوزن !!
صحى أباه وقال له: الم ترى العرق يا ولدي ؟؟
قال : بلى ياوالدي ولكنها قدرة الله التي قلبتنا على الرغم اننا غير مسرعين!
فقال والده وكان رجل عارفه (حيل الله أقوى يا ولدي)
ساعده أبنه في الخروج من السيارة , فخرج متثاقلاً متألماً ..
وقد كسر عنده اكثر من ضلع في صدره!!
تبرزا عن السيارة ونظرا اليها وإذا أغراضهم قد تبعثرت والسيارة قد سالت زيوتها ...
أمراحا تلك الليلة في مكانهما وكان عندهم بعض الطعام ولكنه ليس بكثير واما الماء فعندهم من ما يكفيهم..
ولحسن الحظ ان الشايب لم يكن به نزيف داخلي..
في الصباح الباكر وعندما قام الأثنان نومهما مبكراً قال الرجل الكبير لأبنه :
يا ولدي أنا ما أقدر امشي لكن أنت يجب ان تذهب لتسعفنا ..
فقال أبنه وكان صبياً نجيباً أبشر يا أبوي آمرني
قال شوف يا ولدي أنا أعرف هذه الأرض وإذا ما خاب ظني أن في ذلك الأتجاه يوجد بئر يردها الرعاة واهل الحلال ولكنها يمكن تكون بعيده يعني من 5 كيلو الى 4 كيلو ولكن بعد ان تنزل من العرق سوف تجد جّواد الحلال في أسفل العرق أتبعها وسوف تدلك على المكان وسوف تجدلك طعس رمل كانه جبل و البئر جنوبِ عنه.
نزل الصبي مسرعاً وبعد قليل وجد الجّواد حقت الأبل وبدا في تقفي أثرها ..
وسار الصبي ..وسار..وسار حتى قطع مسافة طويلة فوجد الطعس ولكنه لم يجد جنوبه بئر فيأس وعاد أدراجه ولم يصل الى أبيه إلا العصير .
فجلس امام أبيه محبطاً يقول :يبه البير مالقيتها وقد اوشك على الهلاك من الضماء!!
نظر أبيه اليه وكان رجلاً حكيماً وعارفه : ياولد هدئ من روعك والله يبي يدبرها وانا أبوك.
شوف يا ولدي من من طبيعة هذه الرمال انها كثيرة الحركة والبئر الآن بدلاً من ان تكون جنوب الطعس الكبير ربما تكون شماله فعاود الكرة مرة اخرى غداً..
فقال الصبي : سمعاً وطاعة يا شايبي.
في اليوم التالي نهض الصبي مبكراً وكان معهم في عددهم التي أشتروها من الرياض لاساتك وهي ما يستخدم داخل الكفارات لكي ينفخ فيها الهواء .
فأخذ له لستكاً وشقه من المنتصف وعبأه بالماء ثم تقلده مثل المطاره.
وانطلق بنفس طريقه الأول وسار يتتبع جواد الأبل ونعم وجد البئر شمال الطعس ولكنها للأسف قد أندفنت وهجرت ولها يمكن أكثر من عشر سنوات لم تطاها رجل مخلوق أو دابة...
وزاد يأس الصبي وزاد حزنه على الوضع السئ الذي وقع فيه مع والده وكانت هذه البئر هي القشة التي كان يُأملان نفسيهما بانها سوف تكون قيد النجاة ..ولكن قدر الله وما شاء فعل
رجع لوالده وقد كان منهكاً وقد تقياء أكثر من مرة بسبب أن اللستك الذي كان يشرب منه لم يغسله جيداً وكانت به المادة الحافظة للمطاط وهي كما يعرفها أصحاب السيارات مادة تشبه البودرة قد طلي بها باطن اللستك.
المهم وصل لأبيه حوالي العصر وقد سببت له لخبطة في الأمعاء وكان مريضاً تلك الليلة فنام مريضاً يأساً..
بقوا يوماً أخر فالأب مكسر عضام الصدر والأبن مريض ..
وفي صباح اليوم الرابع أستيقض الصبي نشيطاً فأخذ يتمشى على الطرق بالقرب منهما وإذا به يرى جيباً شاصاً مسرعاً في أسفل العرق فأخذ يناديه ويؤشر ويركض ولكنه لم يره ..
وفي خضم هذا الحدث هداه الله لفكرة صائبة لولاها لهلك هو وأبوه ..
ركض للجيب ونزع الرشاش وجلس فوق الطرق وصوبه وأطلق....وأطلق في الهواء لعله يسمعه فيقف
وعند يأسه صوبه الى الكفارات
فأصاب كفر صاحب السيارة فتوقف بعد ان تشققت كفرته ووقف آمام سيارته ينظر ما سبب الثقب في الكفر.
وبينما هو كذلك وإذا بالصبي قد أتاه مسرعاً يركض بكل ما اوتي من سرعة فالتفت اليه الرجل وهو يراه من بعيد فقال : اجنٌ أم أنس؟؟
فقال الصبي : بل انس !!
فقال : وما خطبك ياولدي ؟؟
فقال: ألنقذه...ألنقذه يارجل ؟؟
قال: أبشر وش سالفتك؟؟
قال : حنا صار علينا حادث وقلبت سيارتنا وهذا رابع يوم لنا هنا ونبي فزعتك ...قال : أبشر بالفزعه.
قال الصبي: أنا من ثقب إطار سيارتك وإلا ما توقفت!! فتبسم الرجل وأصلحا الإطار ثم أنطلقا الى حيث الشايب وسيارته المقلوبه.
ربطا السيارة بالسيارة الأخرى وأقعداها ..
ركب الصبي فيها وشغلها فأشتغلت وكان زجاجها مكسر بالكامل ..
حملا عليها جراكل البنزين والأمتعة المتناثرة ثم أنطلقا ..
لزم عليهم الرجل إلا ليمرحون عنده الليلة وعندما ذهبا معه اكتشفا أن بيته وحلاله لم يكن يبعد عنهما إلا 5 كيلو مترات سبحان الله وهما لهما يومان والصبي ذهاباً وأياباً لأكثر من 5 كيلو يبحث عن تلك البئر..
بعد ان تضيفا عنده اكملا سيرهما الى حيث ربعهم في الربع الخالي ووصلوهم بعد العيد وكانت سيارتهم متهشمه وعلموهم بما حصل لهم .
ثم أخذوا الشايب للعين في الأمارات وعالجوه وطاب الرجال ورجعوا للرياض وهم الآن بألف خير.
ما يستفاد من هذه القصة التي اخذت مني الوقت في كتابتها:
1-أن الأماكن في الصحراء يراد لها رجال يعرفون طرقها ومسالكها مثل الشايب أعلاه.
2-أخذ المؤن الكافية أبقتهم على قيد الحياة بإذن الله.
3-عدم اليأس .
4-عندما نريد أن نحل مشكلتنا يجب أن نفكر بالأمور التي نعرفها فيما حولنا مثل البئر.
5-التصرف السليم من الصبي بثقب إطارات الرجل كانت هي المنقذ لهم بعد الله.
6-يقول خبراء الصحراء أن الإنسان يستطيع أن يسير في اليوم 35 كيلو متراً بكل سهولة مع كمية مياه قليله.
7-إذا ذهب شخص يطلب الإنقاذ لا يغير وجهته أبداً فبعد أن يستقر على أن جهة الشمال هي الجهة الصحيحه لا يغيرها أبداً بل يستمر في طريقه بخط مستقيم فلابد أن يجد في طريقه حتى ولو بعد 100 كيلومتر من ينقذه.
8-لا يجب ان تعبر الصحراء القاحلة البعيدة عن البنيان بسيارة واحدة فقط فالأقل تكون هناك سيارتان.
أبن مصاول:
سردت عليكم هذه القصة في مجلسي لطرافتها وغرابتها فأرجو أن أكون سردت ما نال على أستحسانكم ولكم الشكر
أرجو أن نالت على أستحسانكم وأردتم نقلها الى أي منتدى ان تشيروا للمنتدى ومنشئ القصة وهو محاكيكم