لقد تخطى أهل البادية جميع إشكاليات قياس كميات الأمطار التي نقع فيها من مثل : الصفات التي نضطرب في استخدامها كـ ( أمطار غزيرة – متوسطة – خفيفة ... وهكذا دواليك ) فهذه الصفات هي في الواقع نسبية ليس لها ضابط يحدها ، ولذلك عندما يصف صديق لك حجم الأمطار التي سقطت على مدينته أو على مكان معين بهذه الصفات السالفة فإنك لا تدرك حق الإدراك حجم الأمطار إلا من خلال الصور التي يزودك بها أو من خلال أجهزة قياس المطر .. أما أهل البادية فقد وضعوا صفات دقيقة تحدد لهم حجم الأمطار الساقطة ، أغنتهم عن هذه الصور وعن تلك الأجهزة ..
وهذا الصفات كالتالي :
1- ( تِبْيَاض ) : وتطلق هذه الصفة عندما ينزل المطر فتروج بعض أجزاء الأرض بالماء حتى تكاد تسيل ثم يتوقف المطر ، والماء لم يجر ، فتجد هذه الأجزاء التي راجت بالماء - بعد المطر بساعات أو في اليوم التالي- بيضاء ذات بياض خفيف تختلف عن البقع المجاورة المائلة إلى الاحمرار ، ولكنك لا تجد فيها أثرا لماء يسيل .. ومن هنا أخذ لفظ ( تبياض ) من هذا البياض الذي يخلف المطر في هذه البقع .. مع ملاحظة أن هذه الصفة ( تبياض ) إنما تقاس في الأراضي المتوسطة التي لا هي بالصلبة الحجرية ولا هي بالناعمة الرملية .
2- ( شاهد ) : وتطلق عندما ينزل المطر فتروج الأرض بالماء فيجري ويسيل على استحياء بشكل محدود ، فيسم أثرا خفيفا في الأرض ، فتجد أثره واضحا في ( الحزم ) وفي الطريق الترابي ..
3- ( أطيب من الشاهد ) : وذلك عندما تسيل ( الشعبان الصغيرة ) ولكنها لم تأت بكامل طاقتها ( بمعنى أن عرض السيل لم يشمل جميع مساحة مجرى الشعب ) ، كما أن الشعبان الكبيرة والأودية لم تأت بسيل .
4- ( سيل جذوب ) : وذلك عندما يجري السيل في الشعب الكبير أو الوادي وهو لم يسقط عليه مطر وإنما سقط على مدافعه و( مناشيه ) أي الجبال البعيدة التي ينشأ من هذا الشعب أو ذاك الوادي .
5- ( سيل بطن وظهر ) : وذلك عندما يسقط المطرعلى الوادي أو الشعب الكبير فيأتي بسيل من مدافعه ومن ( مناشيه ) التي ينشأ منها بعيدا، ثم تغذيه الروافد و( الحزوم ) التي تحيط به فلا يبقى مجرى صغير ولا كبير إلا وقد جاء بسيل .
ومما ينبغي الإشارة إليه أن ( التبياض ) و ( الشاهد ) إذا كانا في الجبال فإنها تقذف بالسيل مسافة قليلة لا تتجاوز عشرات الأمتار بحيث لا تعد في عرف الخبير سيلا .
كما أنهم يقيسون المطر في العروق والنفود عن طريق ( الحفر باليد ) فيكون مقدار ( كف أو ذراع ) ...
6- وثمة صفات ومصطلحات أخرى ذات علاقة :
ـ ( سواد مطر ) ، ( رصع مطر ) ويطلق على المطر الخفيف الذي يكون أقل من حجم الأمطار في الصفات السابقة .
ـ ( سبّار ) : ويطلق على المطر الذي يستمر ساعات طوال بلا برق ولا رعد وهو ما يعرف بالديمة .
ـ ( مطر ألحق الندى الندى ) : وهو واضح من معناه .
ـ ( خَطِيْطَة ) – الطاء الأولى مكسورة والثانية مفتوحة - : وتطلق على السحابة التي تحدث السيول في كل أرض تمر بها ، وعرضها ليس بكبير .. وسميت بذلك لأنها تخط في الأرض كما يخط القلم في القرطاس .
ـ ( أضجعت السحابة ) : أي إذا غيرت مسارها وانحرفت عن طريقها .
ـ ( صت الخيال ) : أي إذا توقفت السحابة عن البرق والرعد .
ـ ( الرجع ) أو ( الولي ) : ومعناهما معروف أي أن يعاود نزول المطر على الأرض التي سالت قبل أيام أو أسابيع .
ـ ( الوقت ) : ويطلق على الأرض المجدبة التي مر عليها وقت طويل ولم ينزل عليها المطر .
وختاما.. إن هذه المصطلحات والصفات التي يعرفها بعضكم إنما أعرضها ههنا من باب الفائدة ، ولكي أوصل معناها إلى ذهن من لا يعرفها بكل وضوح ، وأرجو أن أكون قد وفقت في ذلك ، وإلا فإن هذه الصفات ليس لها جدوى في الوقت الحاضر مع توفر أجهزة قياس كميات الأمطار ..
منقول للفائده
أبن مصاول