عرض مشاركة واحدة
غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 1 )

....
رقم العضوية : 5100
تاريخ التسجيل : 10 01 2009
الدولة : أنثى
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : أرض من ملكني حبه
عدد المشاركات : 10,490 [+]
آخر تواجد : 28 - 08 - 12 [+]
عدد النقاط : 47
قوة الترشيح : نزف المشاعر is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
افتراضي > الوصية العظمى <

كُتب : [ 20 - 02 - 10 - 03:45 AM ]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد...



التقوى أمرها عظيم، وما من خير في الدنيا والآخرة إلا في التقوى، فهي وصية الله سبحانه وتعالى لعباده الأولين والآخرين، حيث يقول عزَّ وجلَّ: { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ }. وقوله تعالى: {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }. وهي وصية المصطفى صلى الله عليه وسلم، حيث روى الترمذي أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما بعث معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن أوصاه بثلاث وصايا، حيث قال: "اتق الله حيثما كنت، واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخُلق حسن"
وذلك لأهمية التقوى في حياة الإنسان. ومن رحمة الله عزَّ وجلَّ بعباده أن فرض عليهم صيام رمضان الكريم وذلك لكي تحصل لهم هذه المنحة الربانية العظيمة وهي التقوى، حيث إن الله عزَّ وجلَّ بيَّن الغاية والحكمة البليغة من فرض الصيام على المسلمين بقوله: {يّا أّّيٍَهّا پَّذٌينّ آمّنٍوا كٍتٌبّ عّلّيًكٍمٍ پصٌَيّامٍ كّمّا كٍتٌبّ عّلّى پَّذٌينّ مٌن قّبًلٌكٍمً لّعّلَّكٍمً تّتَّقٍونّ}. وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالتقوى في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }.
والقرآن الكريم مليء بالآيات التي تتحدث عن التقوى، فالمتأمل في كتاب الله يجد أن ما من سورة من سور القرآن الكريم إلا ما ندر إلا وفيها ذكر للتقوى والأمر بها وبيان أهميتها وثمراتها في الدنيا والآخرة.
ومن ثمرات التقوى محبة الله عزَّ وجلَّ للمتقين، حيث يقول سبحانه وتعالى في أكثر من آية: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ }، وكذلك ولاية الله للعبد كما قال تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62)" الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ }، كما قال تعالى: {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ }. ومن ذلك نصرة الله للعبد وتأييده وهي المعية الخاصة كما قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ }، وقال تعالى: {أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ }، معهم بنصره وتأييده. والتقوى جالبة لرحمة الله عزَّ وجلَّ كما قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ }، والتقوى كذلك جالبة لقبول العمل والدعاء كما قال تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }. وخير اللباس هو لباس التقوى كما قال تعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ }، وخير الزاد هو زاد التقوى كما قال تعالى: {وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى }، وأهل التقوى هم أكرم الخلق على الله كما قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ }، كما قال صلى الله عليه وسلم: "لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى ولا أبيض أو أحمر على أسود إلا بالتقوى" لذلك كان بلال بن رباح رضي الله عنه أفضل من كثير من الصحابة وذلك بالتقوى، ويوم القيامة يتفرّق أهل المصالح وأهل المعاصي، أما أهل التقوى فيجتمعون كما قال تعالى: {الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ }، وبالتقوى ينال الإنسان العلم النافع ويفتح الله عليه من بركاته كما قال تعالى: {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ}، أما عن دخول الجنة والبعد عن النار فلا تسأل عن كثرة الآيات التي تتحدث عن ذلك وذلك بعد رحمة الله وكرمه ومنته ومنها قوله تعالى: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }، وقوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ }، وقوله تعالى: {حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً(32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً }.
وكذلك النجاة من النار وعبور الصراط كما قال تعالى: {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً }، فالعاقبة لأهل التقوى في الدنيا والآخرة.
والتقوى أن يجعل الإنسان بينه وبين عذاب الله وقاية باتباع أوامره واجتناب نواهيه، وقد عرَّفها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بقوله: "هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل" أما عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عندما سُئل عن حقيقة التقوى في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }، قال: "حقيقة التقوى أن يطاع الله فلا يعصى، وأن يُذكر فلا يُنسى، وأن يُشكر فلا يكفر" ومن ذلك قوله طلق بن حبيب رحمه الله: "هي أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثوابه وأن تبتعد عمَّا حرّم الله على نور من الهم تخشى عقابه"
فالتقوى هي مراقبة الله عزَّ وجلَّ في كل صغيرة وكبيرة واستحضار عظمة الله في قلب الإنسان واطلاعه عليه فهو {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور {مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}، {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }، فعندما يستشعر الإنسان ويعلم باطلاع الله عليه ومعرفة سره وعلانيته يستحي من نظر الله عزَّ وجلَّ وعلمه به فيخشاه ويتقيه ويكف عن المعاصي ويعمل الصالحات فيستقيم سلوكه. والله الموفق.












بقلم: اللواء المتقاعد الدكتور سعيد عبدالله العريفي

رد مع اقتباس