السيدة

نعم أنها السيده , وأي سيدة هي؟؟

فهي السيدة الأولى في نظري وهي حواء الأولى التي عرفتها وهي المرأة الأولى التي شممت رائحتها ...
ما أرحمها, ما أعطفها, ما أتعبها على راحتي , ما أصبرها علي, ما أغفرها لزلاتي , ما أسعدها لسعادتي ..تحملت كل شئ لأجلي وكابدت المرار من أجل تربيتي وإصلاحي وأدين بكل نجاحاتي لها...

نعم انها "السيدة الأولى" فهي ليست سيدة أمريكا الأولى وليست السيدة الحديدية البريطانية الشهيرة "مارغريت تاتشر" ولكنها سيدتي الأولى , نعم أنها سيدتي والتي لو مرغت وجهي تحت نعليها بالتراب ما أوفيتها حقها.
سيدةٌ في نظري ليست ككل السيدات ,سيدةٌ عندما أقول لها سيدتي أحس بالسمو والفخر , سيدةٌ عندما تقبلني أرى الدنيا تتحول الى اللون الوردي الجميل ,فقبلاتها ترش الكون من حولي بماء الورد الطائفي الشذي وتطربني بأعذب الأنغام لا أتذكر أنها أقلقت راحتي في يوم من الأيام بل كانت تسهر على راحتي وأتذكر وانا صغير كيف عندما تصرعني الحمى وأبدأ بالرجفان من شدتها تضع علي اللحاف وتلصق جسمها بجسمي كي تدفيني آه ..آه يا أماه ما أعظمكِ.

وأنا أكتب هذه الكلمات كأنني أشاهد وجهكِ المضئ أمامي الآن بملامحه البريئة وعاطفته الطاغية وأتذكر جلستك في فناء منزلكِ وأبناؤك حولكِ وانتي تتبردين بالمكيف الصحراوي وكأنني أسمح جلبته واحسده لأنه مصاحبٌ لك دائماً فرحمك الله فهذه سنة الحياة وإرادة المولى جل وعلى.
في أيامكِ الأخيرة تكالبت عليكِ الأمراض ونهشت جسمك الطاهر فليتني كنت فداءاً لك يا أعظم النساء .

ربما في الأيام الأخيرة لم تسنح لي الفرصة بأن أكون بقربكِ ولكن هي الظروف القاسية التي أمر بها عسى الله أن يفرجها برضاكِ عني والدتي العزيزه.


نعم سيدتي ربما قصرت في حقكِ ولكنني حاولت قدر المستطاع أن أفيك بالشئ القليل تجاه بذلك الكبير وتضحياتكِ العِظام.
عندما ينسى الكثيرون أمهاتهم فسوف تجدينني سيدتي دائماً أتذكرك, فطوبى لتلك المقبرة التي تضم رفاتك يا أعز السيدات..

أعذريني سيدتي فلوحة المفاتيح قد تجمدت وأعلنت عجزها عن التعبير عما تختلجه نفسي تجاهك ...ولا أقول وداعاً بل الى اللقاء في جنات الخلد يا أم عبدالله.

من كتابات أبن مصاول على عجالة ليلة الثلاثاء 18/10/2011م