أكد الباحث في شؤون الاسرة السعودية زاهر الشهري بأن الزواج نصف الدين فمن دونه لا يكون الدين كاملا ،كما ورد في الحديث ،ولعل المقصود تسمية معنوية تؤكد على اهمية الزواج وترغّب فيه ،لأنه اساس ونواة الحياة البشرية وبقاؤها اذ ان الزواج يحقق الأمن والاستقرار لطالبه من جميع النواحي وهو يقوم على أسس فرضها الله علينا متى ما راعاها العبد تحقق بها رضا الله عنه بالاضافة الى احتياج النفس البشرية لشريك حميم تقتسم معه فرحها وحزنها و هذا المعنى الصحيح لهذه العبارة التي جاءت تؤكد بأن الزواج نصف الدين.
واشار الى اهمية الزواج بالصالحة من النساء مستدلا بحديث رواه الحاكم في المستدرك عن انس مرفوعا: (من رزقه الله امرأة صالحة فقد اعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الباقي) واضاف: بأن هذا هو المراد من الشكر الباقي أي نصف الدين.
نصف الدين
وبين بأن الدين يحبذ الزواج المبكر ويحرص عليه ودائما ما يوجه ويبحث على هذا الزواج لكونه نصف الدين وسيحمي الشاب من اشياء كثيرة ،لعل غض البصر وحصن الفرج هي السبب الرئيسي في الحرص الكبير على الزواج المبكر بالنسبة للشاب لكن تكمن صعوبة الزواج ان ليس كل شاب لديه القدرة على الزواج سواء اكان يمتلك الامكانيات المادية التي تؤهله للزواج او حتى وإن لم يمتلكها ،فربما تكون نظرته للزواج المبكر نظرة مبكرة على حدوثها وان الايام والحياة لاتزال في بدايتها وعليه ان يبني نفسه.
وهناك شباب يعاني كثيرا من هذا النوع من الزواج ،مشكلة تواجهنا كأمّة تسير في خطواتها على الدين وتسعى دائما في ادراك ما يريده ويحث عليه ديننا الاسلامي ،لكن المشكلة هنا في مدى قدرة الشباب على الزواج وماهي الأشياء التي يجب ان يمتلكها حتى يتزوج؟ هل المال فقط مثلا هو من يجب ان يمتلكه الشاب حتى يتزوج مبكرا وبالعمر الذي يريده ويحبذه علماء الدين؟.
الأهلية العقلية
وقال الشهري لنقف قليلا ونذهب الى حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم -يقول عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) الحديث يخص الشباب بشكل عام ،ولم يحدد لنا سناً معينة ،العمر الصحيح للشاب ليس في الـ 20 أو 19 او حتى 23 والاعمار التي يحث العلماء للزواج بها الادراك وتحمل المسؤولية والقدرة على تحمل اعباء بناء أسرة.
تجنب الحرام
ونظرة علماء الدين تقصد بالزواج الذي قبل دخول الثلاثين من العمر أي في سن مبكرة بحكم المرحلة الخطرة التي يمر بها الشاب ويكون في محك خطر من فعل اشياء محرمة فحبذ الزواج هنا لسترها ودائما ما نجد العلماء والشيوخ يحثون على الزواج المبكر للشاب حتى تنتهي المشاكل وتعيش في سلام د ون الخوف من الوقوع في الزنا، تزوج فإنك ستهنأ في حياتك وسيعينك الله في كل امورك ونجد طريقتهم في الحث تميل بشيء بسيط للستر إنها ليست مسؤولية كبيرة وصعبة.
واتهم الشهري الشباب بعدم الأهلية مبينا ان اغلب الشباب ليسوا مهيئين للزواج من كل النواحي، فكم وكم من شاب تزوج وفشل زواجه! وكم من علاقة سادها الفرح في البداية لكنها بعد ذلك فشلت وتكللت بالفشل! بعدما كان حديث الشيوخ والعلماء عكس هذا الفشل لا يجب الاعتراض تحية طيبة لكل عالم وشيخ وداعية فكلامهم صحيح ولا غبار عليه، لكن ما الذي يساعدنا على زواج ناجح وهادف ؟كما يقولون الشاب لا يلقى الدعم ولا يلقى التشجيع الكافي والتعليم ،وهو مهيأ لزواج ناجح ومثمر فلا نجد في هذه الايام شابا يريد الزواج وهو على عام بحجمه وبصعوبته ،وكأنما تزوج فقط لإشباع شهوته ثم بعد ذلك يبدأ يتغير ،وهي كذلك ويفشل هذا الزواج لأنهم ليسوا مهيئين له بالشكل الذي يجعل الزواج ناجحا.
الثقافة الزوجية
وتساءل الشهري ،لماذا الشاب هذه الايام لا يفكر بالزواج وبمستقبله مع شريكة حياته؟ لماذا نرى الشاب حين يتزوج لا تستمر علاقة زواجه كثيرا وتفشل بعد فترة بسيطة من زواجه؟ ليس الكل بل الاغلب، لماذا لا يملك الثقافة الزوجية التي تجعله ناجحا مع زوجته ومستمرا معها؟ وذكر الاسباب بأنها كثيرة ومتعددة لعدم وجود زواج مبكر ناجح غالبا ليس في كل الحالات فقد نجد زواجا مبكرا وناجحا وتسوده كل ألفة ومحبة فلنفكر سويا وندرس وضع الشاب الحالي ،وكيف يفكر وماذا يريد؟ والكلام كذلك ينطبق على الفتاة لكنه بدرجة أقل.
انصرافات وانشغالات
وأضاف الشهري: « الشاب الحالي شاب يهوى الانترنت لا يفكر بالزواج إطلاقا إلا بعدما يخوض في الانترنت تجارب عدة وعلاقات عدة لاسكات شهوته ،ويقول: أنا في مقتبل العمر ،ولن أتزوج حتى أنعم بحياتي وأنا شاب وأكسب تجارب، ربما تكون غير شرعية حتى يملّ منها ،ثم بعد ذلك ربما يتجه الى التفكير في الزواج حتى وإن كان لديه امكانيات مادية من قبل فإنه لا يفكر بالزواج إلا بعد خوض هذه التجارب.
ماذا لو كان الشاب في بداية دراسته في الجامعة مثلا؟ متى سينتهي لو اكمل مسيرته في الدراسة؟ متى سيعمل متى سيجمع المال لكي يتزوج؟ وربما بعد تخرجه من الجامعة لا يلقى عملا ،حينها ماذا بوسعه ان يفعل حتى وإن وجد عملا وراتبا ،هل سيفكر بالزواج؟ هل سيجمع المال لغرض الزواج ؟لا أعتقد ان تفكير الشاب بهذا الشكل مع ذكر كل هذه الأسباب ،حينها ،كم سيصل عمر أو سن الشاب؟!
وختم الشهري حديثه بقوله: «هذا ما يفقده الشاب حينما يتزوج مبكرا وحتى وإن لم يتزوج سيبقى مفتقدا لها ،وهنا يتحمل المسؤولية الشاب نفسه والجزء الأكبر يعود الى والديه على تهيئته بالشكل الامثل الذي يمكنه من زواج ناجح من جميع الجوانب ويحيا حياة سعيدة تغمرها الحب والألفة والسعادة والتفاهم والنجاح ،و علماء الدين والشيوخ يقولون بلسان الدين: تزوج في سن لا نتعدى الخامسة والعشرين ولا تقل عن العشرين تقريبا ،والواقع يقول: إن الزواج في هذه السن يتطلب أشيئا كثيرة لا يمتلكها الشاب حاليا ولا يسعى حتى لامتلاكها، وكثير من الزواج الذي في هذا العمر فشل. وفي رأيي هناك بعض الحث والنصح الخاطىء الذي يجعل الشاب يأخذ الزواج من امور تعود على اخذها فقبل زواجه ولم يتم توعيته بحجم الزواج وانه مسؤولية كبيرة وحياة اخرى ومختلفة عن الحياة التي كان يعيشها قبل ذلك. ويتساءل الشهري عن كيفية نجاح الزواج مؤكدا على ضرورة الثقافة الزوجية والتهيئة الكافية لفتح بيت وتحمل مسؤولية.