محلات بيع الملابس النسائية
عبدالله بن بخيت
أرجو ألا يفهم القارئ أني جئت إلى جريدة «الرياض» لأبيع بضاعة قديمة. كلنا يعرف أن هذا الموضوع انطفأ ولم يعد أحد يهتم به. انتصر من انتصر وهزم من هزم. لن استمتع بفتح باب تم إغلاقه. معضلة نسونة بيع الملابس النسائية أصبحت في ذمة التاريخ رغم الهمهمات التي سمعناها مؤخراً. حتى الوزارة التي اخترعته نسيته. نقلت ملفات هذا الموضوع إلى مستودعات الوزارة. يعود إليها بعض المديرين إذا شحت مواضيع التصريحات. مثله مثل ملف المحاكم المرورية. كل خمس سنوات يخرج من وزارة العدل مدير يصرح (قريباً المحاكم المرورية) أتذكر هذا التصريح من يوم كنت في سادسة ابتدائي (انظر إلى الصورة أعلاه لتعرف متى كان هذا).
في بعض الدول عندما يعين ضابط شرطة جديد في مركز يعطى ملفات قديمة يتدرب عليها. إذا حل معضلتها يكون مبدعاً وإذا أخفق يكون قد تعلم وتدرب. اعتبروا فتحي لهذا الملف من هذا الباب. فأنا جديد قديم في جريدة «الرياض» وقد أعطاني رئيس التحرير الملفات القديمة للتدرب عليها. إذا نجحت في حل معضلة الملابس النسائية يمكن أن أستمر في التدرب على الكتابة وأفتح ملفات أقدم وأقدم حتى أصل إلى ملف لاعب الهلال مبارك عبدالكريم عندما شق الفنيلة. هل غرّمه ابن سعيد قيمتها أم لا؟
بعد أن قلبت ملف محلات بيع الملابس النسائية على وجوهه المختلفة اكتشفت أن حل المشكلة أبسط مما تتصورون. بتصريح واحد من وزير العمل تنحل العقد وتزال العقبات ويهرع الجميع لتوظيف كل امرأة في طريقه. استطيع ان أجعل كل الذين يرفضون توظيف المرأة يكونون أكبر الداعمين لعمل المرأة مختلطة حتى مع رجال المريخ.
سؤال واحد فقط. من هو الرجل؟ في ظني إذا أجبنا عن هذا السؤال حصلنا على حل لهذه المشكلة وكل مشكلة تعترض المرأة في هذه البلاد. سؤال قد يبدو بسيطاً. كل واحد منا يتوهم أنه يستطيع الاجابة عنه. لكن الأمر ليس كذلك مع الأسف. هذا السؤال مليء بكل تعقيدات الصحوة التي عشناها في السنوات الثلاثين الماضية؟ ما الذي يجعل القوانين تمنع المرأة من ملاحقة مصالحها في الجوازات والأحوال المدنية وغيرها وفي نفس الوقت ما الذي يجعل هذه القوانين تسمح للسائق الأجنبي أن يعيش وسط العائلة وينفرد بها صبحاً ومساء. بتأمل هذا سنكتشف أن هناك قيمة خفية تحرك الموضوع وتتحكم فيه وليس العامل البيولوجي كما نتوهم. فمعنى رجل في ذهن هؤلاء الذين يصخبون ضد المرأة لا صلة له بالذكورة. إليكم السؤال بعد تفكيكه: هل السائق الذي يعيش في منازلنا وبين نسائنا رجل؟ هل الرجل غير السعودي الذي يعمل في محلات بيع الملابس النسائية رجل؟ إذاً القضية لا تكمن في الذكورة أو الأنوثة. المسألة تتعلق بكونه سعودياً أو غير سعودي. مشكلة هؤلاء ليست في الرجل على إطلاقه وإنما في الرجل السعودي تحديداً. لحل هذا الالتباس وفرض عمل المرأة يجب إلغاء فكرة نسونة وظائف العمل في الملابس النسائية واستبدالها بسعودة الملابس النسائية. لا يعمل في بيع الملابس النسائية سوى شباب سعودي عندئذ سترون كيف تنقلب الأمور.