مروجو الكرامات ---
إن أظهار بطلان التصوف والاعلان عن ضلاله من الامور المسكوت عنها
سكوتا مريبا , فهو بين سكوت الجاهل الذي الذي لا يعرف , وبين سكوت
من يعلم ويغض الطرف فهو سكوت المأجور الذي يبيع دينه بدنياه عملا
بقول الشاعر : واقذف بنفسك حيث يُرجي الدرهم . والبعض يسكت من باب
أن السكوت عن الاحمق جواب , وغاب عن الجميع عدم جواز التماس
تقويم مالا يستقيم , بالملاينة والإغضاء , فالعظم لا يعالج انحناؤه إلا
بالكسر . والطُرق الصوفية هي تنظيم نفعي ارتزاقي من جهة ومحفل
تآمري من جهة اخري ويؤسسها شيخ يزعم لنفسه مكانة دينية خاصة , أو
يدعي تلقيه الوحي من الله مباشرة , او يزعم مقابلته للنبي شخصيا وتلقيه
من العلوم والكتب والاوراد ليبلغها لأتباع الطريقة ويقرن هذه المكانة
المزعومة بقدرات موهومة لا تكون لغير الله , منها معرفه الغيب وإحياء
الموتي , والزعم بمحاسبة الناس يوم القيامة وإدخالهم الجنة أو النار وفقا
لهواه , أو الزعم بمعجزات لم تكن لغير النبي مثل العروج ألي السماء . أما
من حيث كونها محفلا للتآمر علي الاسلام كعقيدة , وعلي المسلمين
كأنصار لهذه العقيدة, فالتاريخ – هو الشاهد الذي لا يكذب – يكفينا مؤنة
سوق الحجة والبرهان علي ذلك . لذا تجدهم يروجو لبعضهم البعض
الاكاذيب عن الكرامات المزعومه حتي ينالوا الدرهم والدينار .
اذا من هم مروجي الكرامات ؟؟؟
وهذا سؤال دائما ما يدور بعقل اي قارئ لذا سوف تجد ان مروجي
الكرامات هم من ابرز المتصلون بالشيوخ المنتفعين بهم كالخدم ومشايخ
الزيارة والزوجة وغيرهم – فالخدم : وقد اصبح بعضهم شيخا بعد موت
سيده يدّعي أنه أختص بأسراره ونشر كراماته , فرويت كرامات عديده عن
الشاذلي عن طريق خادمه الشيخ ماضي أبو العزايم ( تعطير الانفاس ) .
ويقول خادم الحنفي ( وكان سيدي يخبر بما وقع له من الكرامات علي عادة
السلف من الاولياء المتمكنين ) . ( مناقب الحنفي ) , وقد يحرص الشيخ
علي تسجيل كراماته , ثم يوصي خادمه بكتمانها في حياته وإذاعتها بعد
موته ( الطبقات الصغري للشعراني – ترجمة السيوطي – ترجمة زكريا
الانصاري – ترجمه شمس الدين الدمياطي ) كما يدّعون , والواضح أن
الخادم هو الذي يشيع ذلك ليتكسب به .ولخادم الضريح دور كبير في إشاعة
كرامات صاحب الضريح طمعا منه في النذور , ولا بأس بأن يحتال لذلك
الاساليب المبتكرة , فعرف احد القبور – وهو مجهول الصاحب –بقبر
صاحب الشمعة , لأن بعض خدام القبور المجاورة أشاع أنه يري علي قبره
شمعة مُشتعلة في الليالي المُظلمة فأشتهر صاحب القبر بهذه الكرامة ( تحفة
الاحباب 322 ). اما مشايخ الزيارة : وهم الذين يعرفون معالم القرافه ( اي
معالم المدافن ) وطُرق الزيارة , وفي كُتب المزارات تنقل عنهم الكرامات
مشفوعة بكلمات ( وهذة الحكاية مستفاضة بين مشايخ الزيارة ) أو نحو ذلك
. اما الزوجة فكان دورها في هذا المجال حتي لو كانت بلاء علي زوجها ,
فكان الشيخ أبو الحمائل ( مبتلي بزوجتة ) وقد حكت هذه للشعراني إن
زوجها كان كثيرا ما يكون جالسا عندها فتمر عليه الفقراء الطائرون في
الهواء ينادونه فيجيبهم ويطير معهم فلا تنتظره إلي الصباح ( الطبقات
الكبري للشعراني ج2 / 111 ) . وكان الرأي العام يتوقع من الولي بعض
الكرامات حين يُغسل – بعد موته – وحين يلحد في القبر , وتكفل الغسالون
واللحادون والحفارون بأرضاء نهم الناس , فالشيخ عبد الغني الغاسل غسّل
الشيخ أبا القاسم الأقطع وأورد من كراماته أنه غطّي سوأته حين وقعت
القطنه , وأنه كان يتقلب ذات اليمين وذات الشمال كلما قرأ الغاسل (
ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال ) ( الكواكب السيارة 244- 245 ) .
وتبسم آخر وهو يغسل لأن الحور العين قد غازلته , وأمر آخر مغسله بأن
يغض بصره لأن الجان ستغسله ( الكواكب السياره 247- 248 ) ,
ويبدوأن الغسالين بالغوا في إدعاءاتهم إلي درجة أثارت تندر الناس ,
فاوصي الفقيه ابن الشيخ أن يغسله الشيخ شهاب الدين بن النقيب , فقال بهاء
الدين بن السبكي ما قصد بذلك الا بسط الناس بعد موته ( ذيل بن العراقي )
وفي امثالنا الشعبية نلمح أثر ذلك ( كرامات الميت تظهر عند غسله ) ,
(ومغسل وضامن جنة ) . وطوبي لمن احترم عقلة
من ثمار الكتب