إدارة المســتشــفيــات..
بــيـــن الطبيــب والإداري
إعداد فهد سيف الدين ساعاتي
إن الحاجة الملحة لأن يكون مدير المستشفى إدارياً مختصاً في إدارة المستشفيات تكمن في تقديم الخدمات بأقل تكلفة ممكنة بعامة والخدمات الجيدة للمرضى بخاصة.. وهذا لا يكون إلا بالعمل الجاد والقدرة الخارقة على مواجهة المشكلات الطبية والصعوبات الإدارية وتحسين الإنتاج وتطويره، إضافة إلى تحسين الخدمات وتخفيض تكاليف الإنتاج، وضمان المصادر المالية وحسن استخدامها.. والسؤال هو لماذا يقوم الطبيب الناجح بهذا الدور ويخسر المجتمع والمرضى (طبيباً لامعاً) في مجال الطب على حساب الإداري المختص؟
ونستعرض فيما يلي الواجبات والمسؤوليات التي يجب توافرها في مدير المستشفى بعامة، حيث لخصها جيفري روبنسون فيما يلي:
- أن يوفر الظروف المناخية الملائمة لتحقيق أهداف المستشفى.
- أن يفهم واجبات جميع الإدارات الموجودة بالمستشفى.
- أن يقوم على توفير ما يحتاجه المستشفى من معدات وكوادر بشرية.
- أن يهتم بالمراجعين والمشاكل التي تواجههم، كما يحرص على رضاهم.
- تطبيق الإدارة بالجودة الشاملة.
وتشير بعض الدراسات إلى أن المدير الإداري الفعال في المستشفى يقوم بثلاثة أنواع من النشاطات هي: الإدارة الداخلية (إدارة العمل داخل المستشفى)، استطلاع البيئة المحيطة لقياس الاحتياجات والمتغيرات، والبيئة الخارجية.. وتتمثل في العلاقات العامة والمشاركات الخارجية في المجتمع.
كما تؤكد بعض الدراسات العلمية أن هناك أنواعاً من المهارات التي تتوافر في مدير المستشفى (الإداري المختص) وهي: المهاراة الإدارية وتعني القدرة على القيام بالوظائف الإدارية من خلال تطبيق أسلوب الفريق في التعامل مع المرؤوسين ومعالجة أخطائهم بأسلوب بناء، يبدأ بتحديد الخطأ والتعرف على أسبابه، ومن ثم علاج هذه الأسباب.
المهارة الفنية
وتعني القدرة على القيام بالأعمال حسب مجال المختص وذلك بالتركيز على التحسين المستمر.والمهارة الإنسانية: وتعني القدرة على التعامل مع الآخرين، وخاصة في محيط العمل بالشكل الذي يكسب تعاونهم ويحفزهم على زيادة الإنتاج وأداء الأعمال على الوجه المطلوب.
وطبقاً للهيكل التنظيمي.. يمكن أن نقول أنه كلما اتجهنا إلى أعلى في التنظيم احتجنا بدرجة أكبر إلى المهارة الفنية، بينما نحتاج إلى المهارة الإنسانية في جميع المستويات التنظيمية.
كما حددت الجمعية الأمريكية للمستشفيات AHA مسؤوليات مدير المستشفى في وضع خطة استراتيجية للمستشفى تقوم على نشر المراد تحقيقه لدى جميع العاملين بالمستشفى، وأن يتحمل المسؤولية في تحقيق الاستخدام الأمثل لموارد المستشفى عن طريق التفهم الفعال للبيئة المحيطة بالمستشفى - اقتصادياً واجتماعياً وتكنولوجياً، مع توفير مناخ العمل الإيجابي للقوى البشرية العامة بالمستشفى، عن طريق اهتمامه بالعمل ومشاكل المريض في وقت واحد، واستخدام أسلوب الفريق الواحد في تعامله مع مرؤوسيه من خلال النظر إلى العاملين على أنهم مجموعة متكاملة، الاهتمام بقدراتهم الحالية والمستقبلية وتجنب القرارات الفردية في كل الأحوال، وأن تكون النتائج مسؤولية الجميع، والأهداف متكاملة، وتقويم الأداء على أساس موضوعي.
ويشير دليل تصنيف الوظائف الصادر من الديوان العام للخدمة المدنية بالمملكة العربية السعودية إلى أن أعمال مدير المستشفى تشمل الإشراف والتخطيط والتنظيم لأعمال المستشفى، والعمل على تأمين الأدوات والمعدات الطبية والأدوية للمستشفى، إعداد التقارير والتوصيات والمقترحات المتعلقة بعمل المستشفى، الإشراف على الموظفين وتوجيههم، إعداد مشروع ميزانية المستشفى، والمشاركة في اللجان والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
والسؤال هنا.. هل يستطيع الطبيب القيام بالمسؤوليات والأعمال التي أصدرتها الجمعية الأمريكية للمستشفيات من جهة، والديوان العام للخدمة المدنية من جهة أخرى.. حتى ولو كان على حساب المرضى؟
والمدير الناجح للمستشفى هو الذي يملك القدرة على (القيادة الإدارية) التي تتمثل في (التخطيط، والتنظيم، والتوجيه، الرقابة، اتخاذ القرارات، والاتصال)، حيث تتوافر فيه المهارات والصفات القيادة، إضافة إلى التأهيل العلمي والخبرات العملية التي تمكنه من التصرف بحكمة وموضوعية.
آراء الخبراء والمختصين
ولأهمية الموضوع سنعرض آراء عدد من الشخصيات القيادية في القطاع الصحي بالمملكة العربية السعودية:
الدكتور حسين برعي الخبير في مجال إدارة المستشفيات وعضو هيئة التدريس ببرنامج الماجستير في إدارة الصحة والمستشفيات بجامعة الملك سعود تساءل قائلاً: هل يشترط عند اختيار مدير للمستشفى أن يكون طبيباً؟ ألا يصلح لشغل هذا الموقع إداري مؤهل في مجال إدارة الصحة والمستشفيات أو إدارة الخدمات الصحية؟
ثم هل الدراسة في كليات الطب تتيح للطبيب الحصول على أدنى قدر من المعارف المتعلقة بعلوم الإدارة؟
ويرى الدكتور برعي أن المدير الناجح للمستشفى لابد وأن يكون ذا خلفية علمية إدارية وخبرة عملية كافية وألا يعتمد في نجاحه على الموهبة، بالإضافة إلى أن وظيفة مدير المستشفى تتطلب من شاغلها وجود مهارات وقدرات إدارية، حيث تختلف أهمية كل مهارة طبقاً للمستوى الإداري بالإضافة إلى الخصائص الفردية الشخصية "الاتجاهات".
مدير محترف
ويقول الدكتور فؤاد مصطفى عزب الخبير السعودي في مجال إدارة المستشفيات ومدير عام مستشفى الأطباء المتحدون: يجب أن يكون مدير المستشفى شخصاً محترفاً، ملماً بعلم إدارة المستشفيات والمرافق الصحية (خبرة ودراسة)، إذ إن هناك استبصارا معرفيا خلاقا طرأ على دور مدير المستشفى، وجعل من وظيفة فعالية إبداعية في مجال الخدمة، فرضة التطور الكبير في مفهوم المستشفى نفسه فالمستشفى بعد أن كانت كلمة مشتقة عن اللاتينية تعني "إكرام الضيف وتطبيبه عند المرض" أصبحت جزءاً من نظام اجتماعي يرتبط في أدائه ووظائفه ببرنامج صحي متكامل لابد أن ينسجم مع النظام الصحي العالمي، وقد تعددت وظائفه لتشمل الجانب العلاجي والوقائي والتدريبي والبحثي والتأهيلي، كل ذلك لم يدع للمدير الحالي خياراً إلا أن يكون (محترفاً إدارياً) ومتطوراً وعملياً، ليستطيع الهيمنة على هذا المرفق الحساس، وهذه الهيمنة لا تأتي بارتداء هذا المدير قناعاً يقربه مما يشتهي، بل بانضمامه لقائمة المحترمين.
كما يقول الدكتور عثمان بن عبدالعزيز الربيعة وكيل وزارة الصحة للتخطيط والتطوير حول هذا الموضوع: إن عدم إحاطة (الطبيب) بالقضايا الإدارية والمالية تضعف موقفه أمام المسؤولين، وأن ممارسته للإدارة تجعله يركز السلطة الفنية والإدارية بين يديه.
ويقول الدكتور سامر صالح إسلام المشرف العام على مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون: إن الطبيب يفتقر إلى الخبرة في الأمور المالية والإدارية خاصة وأنه لا يوجد طبيب يجمع بين الطب والإدارة.
ويرى الدكتور إسلام من خلال تجربته ضرورة أن يكون الحال باشتراك المدير الإداري المتخصص والطبيب في الإدارة التنفيذية للمرفق الصحي.
ويقول الدكتور محمد حسن مفتي مدير عام مستشفى قوى الأمن السعودي بالرياض حـــول هذا الموضوع: لما كانت الإدارة علـم وفن، فإن الإدارة هبة من الله يرزقها من يشاء، أما علم الإدارة فإنه ينبغي "للطبيب" الإلمام به عن طريق الإطلاع وحضور الندوات والانضمام للحلقات الدراسية التطبيقية في علوم الإدارة الصحية المختلفة.