لولا إختلاف الأذواق لبارت السلع .. من هنا تختلف أذواق الناس في شؤون الحياة كلها و منها العادات الغذائية و هذا ما يهمنا فما أن تزور أحد المطاعم و تتصفح قائمة الطعام لديهم إلا و تسمع من حولك هذا يطلب دجاج و ذاك نوع من الأكل البحر و آخر يرفع صوته قائلا " بيــــــــف لو سمحت " .
رغم أن الأخير يعد من نوعا من أنواع اللحوم إلا أن شريحة المجتمع المخملية المؤقته سببت لي كرها له . فلا أتخيل نفسي أمضغ قطع من اللحم " نيه " أو أرى شريحة اللحم في طبقي و هي تسبح في بحر من الدم و أدعي الإستمتاع بما قدم لي و بما طلبته .
و الغريب في الأمر أنك و عند زيارتك لبعض المطاعم تتفآجأ بطلب البعض شرائح من اللحم البقري " نصف إستواء " أو " ربع إستواء " .. لا أعلم هل مخالفة صريحة لما قال الله تعالى في كتابه " حرمت عليكم الميتتة والدم ولحم الخنزير" أو هو تقليد أعمى قد يضر بصاحبه .
تذكرت أحد الزملاء في الولايات المتحدة الأمريكية عندما حضر لزيارتي في إحدى الولايات فتركت له المجال بإختيار ما يرغب من المطاعم لتناول وجبة العشاء و تفآجأت بإختياره لأحد المطاعم المشهورة بتقديم الإستيكات البقرية .. توكلنا على الله و ذهبنا و زاد عجبي أن طلب صاحبي " ستيك " بقري " نصف إستواء " .. بينما إستمتعت أنا بطبقي البحري اللذيذ .. حقيقة لم أتردد في نصحه على الأقل " إستواء كامل " . و كانت إجابته أسرع أن هذه هي الطريقة الصحيحة للإستمتاع بشرائح اللحم البقري .
حضرت الأطباق و كلي شوق في أن أرى صاحبي و هو منغمس في لذته مع طبقه اللذيذ كما يدعي .. و أقسم لكم أنه لم يتجاوز ثلاث قطع صغيرة من اللحم ثم أكتفى و بدا بتناول ما قدم مع الشريحة .. و كعادتنا بدأت بحثه على الأكل إلا أنه أجاب بإكتفائه غير أن " جبهته " كانت تشير و تعطي دلائل أخرى بإن صاحبها وقع في " فخ " تقليده للغير و محاولة الظهور بصورة أخرى .. و زاد عناد صاحبي و محاولته إقناعي أن هذه المطاعم تتطلب " عادات " خاصه فطلب " سيجار " كوبي و وضعه أمامه كمنضر لا اكثر و لا أقل و بدا في سرد الأحاديث و أن أضحك في داخلي و أصول و أجول بين شرائح الهامور المشوي و قطع " الجمبري " التي تتزاحم من أجل أن تكون لقمة في فمي .
و أتذكر قصة أخرى .. في أحد المطاعم و تناول وجبة الغداء مع جاري الأمريكي فبعد أن قام بطلب طبقه المفضل من اللحم البقري نصف إستواء و ذهب النادل .. بدأت في سرد الأسباب التي تمنعني عن تناول لحم البقر بهذه الصورة ..
و يبدوا أن الكلام جاب نتيجة من الراجل .. قمن أول لقمه وضعها في فمه حتى ارجعها مرة أخرى و طلب نوعا آخر من الأطباق .. و قال لي " أنت على حق "
و منظر وجهه تلك لحظه و هو يرمي بقطعة اللحم لا يعادله أي موقف مضحك .
أعود و اقول إن كان لابد من شرائح اللحم البقري فلتكن على أقل الأحوال " well done " . " إستواء كامل " فمنظر الدم في الأطباق مقزز و طعم الدم في الفم مقرف . و ما نهى الله عن شيء إلا لحكمة .
و نصيحة أخرى لشرائح المجتمع الراقية المؤقتة لسويعات " إياكم و التقليد الأعمى " فلن تنفعك شرائح اللحم عندما " تنسدح " مريضا .
و لتلك الشرائح المخملية من المجتمع إن كان الرقي و التحضر بتناول شرائح اللحم البقري نصف إستواء فالبدائية أجمل و أروع .