والده سبقه بذلك ..... عبداللطيف اقترن بابنة عمته قبل «بلوغه»... وجدل حول« شرعية» زواجه
متابعة (سلطان المحيطب)-
مضى على زواج عبداللطيف (الذي لا يتجاوز عمره 13 عاماً) من ابنة عمته أربعة أشهر، إلا أنه لم يدخل بها إلا حينما «بلغ» قبل نحو ثلاثة أسابيع. وهذا الأمر أثار حساسية أطراف عدة، من بينها هيئة حقوق الإنسان التي انتقدت «تزويج الأطفال»، ومستشار قانوني اعتبر الزواج باطلاً لعدم «بلوغ» عبداللطيف وقت عقد قرانه، فيما أكد قاضٍ أن الزواج صحيح.
وتتابع صحيفة الحياة هذه القصة الغريبة : في بادئ الأمر فوجئ الابن الذي يدرس في الصف الثاني متوسط بوالده يعرض عليه فكرة الزواج، فأدار الأمر في رأسه فترة بسيطة واتبعها بالموافقة خصوصاً بعدما استشار صديقه الصغير أيضاً.
وقال عبداللطيف لـ«الحياة»: «كنت خائفاً قليلاً حينما طرح والدي عليّ فكرة الزواج من ابنة عمتي، ولم أكن أفكر وقتها بهذا الأمر، فشعرت بالتردد واتجهت على الفور إلى ابن عمي (16 عاماً) الذي تفهم وضعي وطلب مني أن اسمع كلام والدي».
وأضاف أنه أخبر والده بالموافقة على الزواج فكان له ما أراد، مشيراً إلى أن زوجته كانت تنام مع شقيقاته في المنزل فيما ينام هو في غرفة أشقائه «حتى اعتدنا على بعضنا، وشعرت بازدياد مشاعري تجاه زوجتي بعد بلوغي».
وأشار إلى أنه مرتاح نفسياً الآن، ويقضي وقت فراغه مع زملائه خارج المنزل، مؤكداً أن أصدقاءه ومعلميه يعلمون بزواجه ويتقبلون وضعه بشكل عادي جداً. وتابع: «لم أجد منهم أي تعليق».
أما الزوجة (16 عاماً) فأكدت أنها تخوفت في بداية الزواج لكنها تعودت مع الوقت. وقالت: «كنت أحس بصعوبة الزواج وترددت كثيراً، لكن وجودي في بيت خالي مع بناته سهّل الأمر عليّ واستطعت ولله الحمد أن أتخطى هذا الشعور»، مؤكدة أن «لكل امرأة أسلوبها مع الرجل».
لكن لماذا زوج الأب يحيى العزي ابنه في هذه السن المبكرة؟ قال العزي لـ«الحياة»: «لأن الزواج المبكر يشعر المرء بالاستقرار». وأضاف: «تزوجت صغيراً فكنت مستقراً نفسياً غير مشتت، وكان للتجربة مردود إيجابي على بقية نواحي حياتي، وهذا ما دفعني لتزويج ابني عبداللطيف».
ولفت إلى أن ابنه لم يقتنع بفكرة الزواج في البداية: «كان يردد «بدري» إلا انه عندما فكر بجدية في الموضوع وأحس برغبة في الزواج أخبرني»، مضيفاً أن ولده «يحس بالراحة مع زوجته فهو يحبها».
وشدد على أن «زواج الأطفال ناجح إذا وجد مرشداً نفسياً وموجهاً للزوجين، فالمغريات في هذا الزمن كثيرة عن الأعوام الماضية»، مشيراً إلى أنه «الأب الحنون والمرشد الصارم بحكمة لكليهما».
وسألت «الحياة» القاضي في المحكمة الكبرى في مكة المكرمة هاني الجبير عن رأيه في زواج عبداللطيف قبل بلوغه، فأكد أن الزواج صحيح شرعاً.
وأضاف: «على رغم أن فيه إشكالاً إلا أن منعه محل إشكال أيضاً، ولو أمكن أن يقيد أو يضبط بشكل يكون الأصل في المنع إذا تحقق من وجود منفعة معينة وأحياناً تكون منفعة حينما تفقد الفتاة ذويها ولا يوجد من يرعاها وتتزوج لتعيش في كنف أسرة».
وتطرق إلى أن طلاق الأطفال وارد، لأن الطفل لا يدرك أبعاد وإشكال الزواج، فالهدف من الزواج لا يتحقق وهو السكن النفسي والعاطفي والإشباع الجنسي والجسدي.
وأشار الجبير إلى أن الطفلة إذا تزوجت وهي صغيرة لها الحق في إبداء رأيها في الزواج عندما تبلغ، لافتاً إلى أن عمر الزواج لغير السعوديين في المحكمة 21 عاماً، فيما لا يوجد في وزارة العدل عمر معين لزواج السعوديين.
في حين اعتبر المستشار القانوني خالد الشهراني أن زواج عبداللطيف قبل بلوغه باطل لفقده الأهلية، وهو لا يزال تحت ولاية والده والسن النظامية. ودعا إلى «كتابة عقد جديد بعد البلوغ»، مشدداً على أن هذا العمر ليس عمر زواج فهو لا يزال حدثاً.
وأضاف لـ«الحياة» أن زواج الأطفال من الناحية النظامية والشرعية غير مكلف حتى أن الطفل لا يعي مسؤولية الزواج، ومخالف للاتفاقات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل التي وقعت عليها السعودية.
وعن رأيه في موافقة مأذون أنكحة على تزويج عبداللطيف على رغم صغر سنه، أكد الشهراني أن إجراء المأذون غير صحيح، مشيراً إلى أن بعض المأذونين يزوجون في البادية بمجرد حضور الشهود لإقامة الزواج.
ولفت إلى أن من الشروط الأساسية لصحة عقد النكاح هي: «الإسلام والبلوغ والرشد وكفاءة النسب»، معتبراً أن هذا الطفل صغير وتصرفاته مقصورة عليه، ولا يمكن أن تأتي آثارها على الطرف الآخر إلا إذا وصل سن التكليف في الإسلام وهو بلوغ الرشد.
اختصاصية: زواج الأطفال انتهاك لحقوقهم... و«حقوق الإنسان» تنتقد
انتقد المتحدث باسم هيئة حقوق الإنسان الدكتور زهير الحارثي، تزويج عبداللطيف في هذه السن، مشدداً على أن «الهيئة» لا تؤيد ولا تشجع زواج الأطفال، وأنها بصدد دراسة القضية من زاوية شرعية وقانونية عن طريق متخصصين.
من جهتها، وصفت اختصاصية اجتماعية في مستشفى حكومي زواج الأطفال بأنه شكل من أشكال الإيذاء وانتهاك لكثير من حقوق الطفولة.
وأضافت الاختصاصية لمياء النونو أنه على رغم التطورات التي طرأت على عدد من التشريعات والقوانين الدولية والوطنية التي توضح حقوق الأطفال إلا أن الوعي المجتمعي ما زال قاصراً، مشددة على أن تحمل المسؤولية الاجتماعية قبل بلوغ مرحلة النضج قتل للطفولة وأحلامها.
ونوهت إلى وجود مقومات نضج أساسية في كل من الزوج والزوجة كالنضج البدني والنفسي والعاطفي والاجتماعي حتى يحقق الزواج الأهداف المرجوة، وهو ما لا يتوافر عند تزويج الصغار، فالطفل يعتبر قاصراً غير قادر على اتخاذ القرار السليم إلى حين بلوغه السن القانوني.
ونوهت إلى أن الأطفال غير مؤهلين على تربية أطفالهم وتنشئتهم على أسس تربوية لأنهم لم ينالوا حظاً وافراً من التربية والتعليم والإعداد والإرشاد، كما أن الأزواج في سن الطفولة خصوصاً الفتيات يصابون بالتوترات النفسية المختلفة ومنها حالات الاكتئاب، والقلق والإحباط، وضعف الثقة بالنفس لأنهم متقلبو العواطف والآراء، ولا تزال حاجتهم العاطفية والتربوية من دون إشباع.
واعتبرت أن مصير مثل هذا الزواج الفشل مستقبلاً لأن الزوجين لا يعرفان معنى الزواج والحقوق المترتبة عليه، كما انه سيكون احد أسباب تصاعد حالات الطلاق، ناهيك عن الآثار الجسمية والنفسية والجنسية السلبية، مثل تفاقم مشكلة وفيات الأمهات للحمل المبكر بسبب مضاعفات الحمل والولادة، والحمل في سن مبكرة يؤدي إلى الحمل العنقودي، وولادة طفل ناقص الوزن والنمو، والولادة العسرة بسبب ضيق الحوض والمسالك التناسلية التي يمر بها الجنين.