اعتقالات المرشحين ضاعفت شعبيتهم
دبي - العربية.نت
لم يسبق للحملات الانتخابية في الكويت أن شهدت ظاهرة الاعتقالات التي جرت، ولا تزال مستمرة، لمرشحين وإعلاميين ترى السلطات أنهم تجاوزوا الحدود في النقد السياسي والشخصي خلال الندوات والمقابلات التلفزيونية، فهناك أكثر من ستة أشخاص مثلوا أمام النيابة العامة وبعضهم اعتقل لأيام، وآخرون لا يزالون محتجزين وغالبيتهم من ناشطي القبائل التي كانت تعتبر تقليديا، ولنحو أربعين عامًا مضت، موالية للنظام، لكنها باتت تقدم الآن المعارضين الأكثر حدة والأعلى صوتا، نقلا عن تقرير نشرته صحيفة "الحياة" اللندنية الأربعاء 22-4-2009 للصحافي حمد الجاسر.
بدأ الأمر مع انطلاق الموسم الانتخابي الجاري قبل اسبوعين عندما أدلى نقابي نسبيًّا يدعى خالد الطاحوس بتصريحات خلال ندوة حمل فيها على سلطات الأمن لما تقوم به من إجراءت لمنع انتخابات سرية غير مشروعة تجريها القبائل استعدادًا للانتخابات.
وقيل إن الطاحوس توعد الدولة بقوة القبائل، وهو تصريح لقي استهجانًا واسعًا في الكويت، لكن الحكومة قررت عدم ترك الأمر عند ذلك، فاعتقلته ومثل أمام النيابة العامة التي مددت حبسه أسبوعًا قبل أن توجه إليه عشر تهم معظمها يتصل بالمساس بأمن الدولة، ولما خرج من الحبس كانت شعبية الطاحوس ارتفعت عند قبيلته "العجمان" لدرجة اكتساحه الانتخابات الداخلية التي أجرتها القبيلة غير مبالية بالحظر القانوني.
الشيء نفسه حصل مع النائب السابق ضيف الله بورمية من قبيلة "مطير"، الذي اعتقل مطلع الأسبوع الجاري ولا يزال محتجزًا عند النيابة العامة التي اعتبرت انتقاداته لوزير الدفاع الشيخ جابر المبارك الصباح وزعمه بعدم صلاحية الأخير لرئاسة الحكومة المقبلة "تعديا على سلطات الأمير".
وزاد الاعتقال من شعبية بورمية لدرجة أن اعتصامات صارت تنظم كل ليلة أمام مبنى "إدارة مباحث أمن الدولة" حيث يحتجز، ويشارك فيها نواب سابقون، خصوصًا من قبيلته، وناشطون متحمسون من القبائل يضيئون الشموع في منظر غير معتاد في الكويت، خصوصا من أبناء القبائل، وعلى الرغم من الحجز اضطرت النيابة إلى استدعاء موظف من إدارة الانتخابات كي يتمكن بورمية من تقديم ترشيحه خوفًا من أن يفسر الاستمرار في احتجازه على أساس أنه تدخل سياسي من القضاء.
ثم استدعت النيابة بناء على طلب حكومي أيضا، عضو المجلس البلدي خليفة الخرافي واحتجزته للتحقيق في اتهام توجيهه إساءات إلى الأسرة الحاكمة خلال مقابلة مع محطة تلفزيونية محلية، واستدعت أيضا مذيع المحطة بداح الهاجري الذي جرى المقابلة مع الخرافي وجرى احتجازه أيضا.
واستدعي كذلك النائب السابق خالد السلطان وحققت معه النيابة في شأن شكوى قدمتها الشيخة فوزية الصباح من أنه أساء إلى الأسرة الحاكمة في تصريحات، لكنها أفرجت عنه بكفالة ومن دون حبس، ثم طلبت النيابة العامة ضبط وإحضار مرشح الدائرة الخامسة فلاح العجمي لإقامته ندوة من دون ترخيص، وهي الندوة التي استضاف فيها بورمية.
وانقسم الجمهور الكويتي في شأن الإجراءات الحكومية والقضائية إلى فريقين، فريق غالبيته من الحضر سكان المناطق الداخلية في مدينة الكويت يؤيد هذه الإجراءات "بعد أن تجاوز مرشحون كل الحدود والاعتبارات واللياقة السياسية في ندواتهم"، وفريق ثان من القبائل يرى أن الإجراءات موجهة ضده ويتبرم من أن الدولة تعامل القبليين بدرجة أقل مما تعامل به الحضر، وانتقد كتاب كويتيون توسع الحكومة في إجراءاتها ضد المرشحين، بينما اعتبر بعضهم أنها "صنعت من خصومها الذين اعتقلتهم أبطالا في عز موسم الانتخابات".
واستمرت عمليات تسجيل المرشحين أمس الثلاثاء فتقدم 18 منهم، ما رفع المجموع إلى 224 مرشحًا، وسيغلق باب الترشح بعد غد الجمعة بانتظار يوم الاقتراع في الـ16 من مايو/أيار، وتحولت إدارة الانتخابات -حيث يقدم المرشحون طلباتهم- منصة إعلامية وسط حضور كثيف للصحافة وكاميراتها وميكروفوناتها، ومع دخول أكثر من خمس محطات تلفزيونية المعمعة الانتخابية.
وأكثر المرشحين يتخذ من رفض الاعتقالات منطلقًا لخطابه الانتخابي، وبعضهم يتحدث عن الخدمات العامة وإصلاح الاقتصاد، وبعضهم لا يتردد في إطلاق أغرب التصريحات وأكثرها صخبا مثل صالح بهمن -وهو مرشح حقق نتائج متواضعة جدا في انتخابات سابقة- الذي طالب لدى إعادة ترشحه أمس الثلاثاء بأن "تقيم الكويت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل"، معتبرا أن ذلك سيعزز علاقتها بالغرب.