مخاطر زواج الأطفال

تتوالى قصص تزويج الأطفال لرجال في أرذل العمر يوماً بعد يوم، كان آخرها طفلة عنيزة ذات الثماني سنوات، التي كتبت عنها الأستاذة مها الحجيلان في جريدة الوطن بعددها 3075، وسبق أن كتب عن ذات القضية صاحب هذه السطور، وأيضاً كثير من الكُتَّاب والكاتبات الذين تناولوا هذه القضية بمزيج من التحذير والألم، والتحذير من جملة المخاطر الناجمة عن تلك الزيجات ابتداء بالخيانات الزوجية ومروراً بقتل الزوج العجوز وانتهاء بانتحار الطفلة (العروس) والألم الذي يعتصر قلوب الضحايا من الأطفال الأبرياء اللاتي تُغتال طفولتهن وتُنتهك قيم الإرادة والحرية في تقرير المصير، وذلك بإجبارهن على الزواج من كهول هرمة مقابل صفقات مالية تُبرم بين البائع والمشتري، إنني من هذا المنبر الإعلامي الحر ونيابة عن أطفال السعودية استنجد بولاة الأمر إلى إيقاف هذا العبث بحياة ومستقبل الأطفال، وذلك بتحديد عمر الزواج للفتاة ببلوغها سن الثامنة عشرة، وتعميم هذا الأمر على جميع المحاكم الشرعية للتقيد به من قبل مأذوني الأنكحة، ومعاقبة كل من يخالف ذلك أشد العقاب.. أتوجه باسم الإنسانية إلى ملك الإنسانية الملك المصلح عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- للتدخل شخصياً في هذه المسألة ليحمي الأطفال الأبرياء من سطوة الصفقات الظالمة التي يعقدها بعض أولياء الأمور مع نظرائهم من العجائز الذين يشترون الأطفال (العرائس) ليعاقروهن وهماً وظلماً وعبثاً!! المصيبة أن أولئك العواجيز يستندون في انتهاكهم للطفولة إلى زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنها، ولم يفطن أولئك العجزة إلى الفرق الهائل بين الثرى والثريا.. فرسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه هو نبي هذه الأمة وصفوة البشر.. وقد أُوتي من الله ما لم يؤت للبشر، ولا ينبغي أن نميز أنفسنا بما ميز الله به نبيه وصفوة خلقه فقد أحل الله له تسع زوجات ومنحه النبوة والعقل والعدل والرحمة والقدرة الجسدية والعاطفية لاحتواء وإكرام زوجاته التسع في آن واحد، وإذا صح أن عمر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عندما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني سنوات، فتلك أيضاً من خصائص أمهات المؤمنين وزوجات الأنبياء اللاتي تؤهلهن للزواج في تلك السن المبكرة، لاختلاف الظروف والبيئة والزمان في حقبة النبوة عن زماننا هذا، ولنا أن نتصور في هذا الزمان أن تتزوج طفلة تدرس بالصف الثاني الابتدائي!! إن هذا التصور.. مجرد التصور يُعتبر ضرباً من الجنون!! فطفلة في سن الثامنة ما زالت تلعب في الشارع ولم تكتمل لا جسدياً ولا عقلياً ولا تعلم شيئاً عن ماهية العلاقة الزوجية، بل ما زالت تعتمد على والدتها في (ترويشها) وربما تنظيفها بعد قضاء الحاجة، وبالتالي فإن تزويجها في تلك السن يعتبر جريمة أخلاقية بكل المقاييس، لذا أُكرر النداء باسم الطفولة لاتخاذ القرار الحاسم الذي ينقذ الطفولة البريئة من سطوة وبراثن الخرف العجائزي.