دخلت الأزمة الحاصلة بين المستثمرين السعوديين والهيئة العامة للاستثمار،

أحد مشاريع هيئة الاستثمار السعودية
جدة - أحمد الرايقي ، الرياض- محمد عطيف
دخلت الأزمة الحاصلة بين المستثمرين السعوديين والهيئة العامة للاستثمار، منحى جديداً، عندما تبنى مجلس الغرف السعودية في اجتماعه الأخير مطالبة ترفع إلى المقام السامي لحماية المستثمر السعودي وتشجيعه، والإشارة إلى أن هذا المستثمر أصبح محروماً من المزايا التي تمنح للمستثمر الأجنبي، بواسطة الهيئة العامة للاستثمار، إضافة إلى المزيد من علامات الاستفهام حول وضع المستثمر السعودي والفرق في الفرص المتاحة لصالح المستثمر الأجنبي.

حيث أثار قرار الغرف التجارية الذي عقد في مكة المكرمة الأربعاء الماضي جدلاً واسعاً حول الخدمات التي تقدمها الهيئة للمستثمرين الأجانب، وإيجاد منافسة مفتعلة قللت حظوظ توظيف السعوديين ورفعت نسب التستر.

وشهدت المناقشات قبل صدور القرار تبايناً في الآراء ومقارنات بين وضع المستثمر السعودي والمستثمر الأجنبي، خصوصاً في جوانب مثل سرعة تخليص الإجراءات القانونية للمشاريع، في تأكيد على أن النظام مرن مع المستثمر الأجنبي، وينجز معاملته في شكل سريع على عكس المستثمر السعودي الذي يجد عوائق عدة.

وكانت صحيفة "المدينة" السعودية قد ذكرت في عددها الصادر في 22/08/2010 تأكيداً لرئيس مجلس الغرف السعودية ورئيس غرفة جدة صالح بن عبدالله كامل بأنه سيتم الرفع إلى المقام السامي بمطالب المستثمرين السعوديين المحليين في الحصول على نفس المزايا التي تمنح للمستثمر الأجنبي داخل المملكة، مضيفاً أن الرفع يهدف إلى أن يتمتع المستثمر السعودي بنفس المزايا التي تمنحها هيئة الاستثمار للمستثمر الأجنبي أو المستثمر المختلط. معتبراً أن "هيئة الاستثمار تمنح خدمات ممتازة للمستثمر الأجنبي بينما المستثمر السعودي محروم منها".
عوائق عدة
حول ذلك أكد عدد من الخبراء الاقتصاديين والمستثمرين لـ "العربية. نت" أهمية القرار، فأكد رجل الأعمال مرعي بن محفوظ أن هناك عوائق معقدة قد تقف ضد المستثمر السعودي صاحب الاستثمار الكبير وهي أشد وطأة على المستثمر صاحب رأس المال الصغير الذي يتراوح ما بين 4 و5 ملايين ريال سعودي، وقال: "أنا من الناس المؤيدين لهذه المبادرة تجاه هيئة الاستثمار فيما يتعلق بالمستثمر السعودي، فالشركات السعودية تعاني من 3 إلى 4 مشاكل أساسية منها: عملية التدريب والتأهيل والسعودة واستقدام الأيدي العاملة التي تحتاجها المشاريع الكبيرة؛ فالمستثمر المحلي يصطدم بعراقيل، وفي المقابل يرى سهولة إنهاء إجراءات المستثمر الأجنبي".

ويضيف أنه يشيد بغرفة جدة فقد عملت مكتب تسهيلات، خصوصاً عندما شجع وزير العمل الراحل الدكتور غازي القصيبي – رحمه الله - رجال الأعمال والشركات السعودية على تدريب وتوظيف السعوديين قائلاً: "أي شركة سعودية دربت وأهلت سعوديين وعينتهم، سنمنحها الفيز (التأشيرات)"، وفي هذا كان الحل لجزء كبير من إشكاليات كانت موجودة".

وأضاف بن محفوظ: "كثير من المشاريع تتعرقل خطاها بسبب إجراءات مصلحة الزكاة ووزارة التجارة، فكل جهة تُشدد على ضرورة تخليص إجراءاتها أولاً. فعلى سبيل المثال وزارة التجارة والصناعة تشترط أولاً استكمال الإجراءات والشهادات اللازمة من مصلحة الزكاة، وفي المقابل فإن إجراءات المستثمر الأجنبي تمضي في سهولة وبشكل أسرع، خصوصاً فيما يتعلق بشهادات الضريبة؛ لذلك نجد المستثمر السعودي يدخل في شد وجذب مع مصلحة الزكاة بسبب خلافات في وجهات النظر، وأغلب المشاريع تنتظر هذه الشهادات".

وخلص بن محفوظ إلى قوله: "المطلوب هو التيسير لإنهاء تلك الإجراءات وفق آلية موحدة تتعاون من خلالها الجهات المسؤولة، فالتعاون ضروري بين وزارة التجارة والصناعة ومصلحة الزكاة والدخل والتأمينات الاجتماعية ووزارة العمل، إذ أن هذه الجهات يجب أن تكون لها إجراءات موحدة لتيسير الأمور فيما يختص بالتراخيص، وسرعة استخراجها، مثل استخراج التأشيرات وغيرها، بدلاً من أن يذهب لاستكمال أوراقه من إدارة معينة تقوم هذه الإدارة باشتراطات مختلفة وتحوله إلى إدارة أخرى".

وأشار بن محفوظ إلى أنه لم يواجه في أعماله شيئاً من التعقيدات لعدم ارتباطها بمشاريع حكومية، لكنه أكَّد "أغلب شركات الصيانة والمشاريع يعاني أصحابها من الإجراءات المتشددة، وكل وزارة تطلب شهادة معينة، واستخراج هذه الشهادة يتم من وزاراة أخرى، وبالتالي يحوم المستثمر السعودي في دائرة تعقيدات".

وختم "أتمنى أن يضع الوزراء نموذجاً في مكان واحد يساعد في استيفاء فتح السجل التجاري وشهادة الزكاة والدخل ووزارة العمل والتأمينات الاجتماعية، أي بمعنى برنامج واحد يلائم ويُساعد التُّجار الكبار والمستثمرين أصحاب الأموال الصغيرة، فكلما تعاونت الوزارات كان تخليص الإجراءات أسرع. وهذه أمنية سبقنا بها أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل أن تتوحد الوزارات المعنية من خلال نموذج موحد يساهم في سرعة إنجاز الإجراءات".
ميزات للأجنبي
في حين يرى المستثمر السعودي حسن أحمد الغامدي أنَّ الإجراءات في مجال الاستثمار معقدة، وتحتاج إلى نفس طويل، خصوصاً من الأشخاص الجدد في السوق، والداخلين برؤوس أموال صغيرة في حدود 5 ملايين. يقول الغامدي: "إن عملية البحث عن استكمال الإجراءات اللازمة مجهدة جدا وكل دائرة تشترط استخلاص إجراءات الدائرة الأخرى قبلها وبالتالي ندخل في تعقيدات" .

مضيفاً: "يطول الأمر على المستثمر السعودي على عكس ما أسمع عن المستثمر الأجنبي، إذ أن منهم من يبدأ في الإجراءات مع المستثمر السعودي وينهي إجراءاته في وقت وجيز، ولذلك أتمنى توفير نموذج موحد يجمع الوزارات المعنية، ويسهل عملية استخراج التراخيص اللازمة، فمن المفترض تسهيل مثل هذه الإجراءات، خصوصاً وأن المستثمر أو التاجر هو ابن البلد، وبالتالي فإن نتاج أعماله وتجارته عائدة على البلد. أتمنى أن تتفهم الوزارات ذلك، وتعمل على سرعة الإنجاز، بدلاً من التنظير ووضع العراقيل".
توصيات فاعلة
هذا فيما رأى الخبير الاقتصادي تركي فدعق أن التوصيات المزمع رفعها للمقام السامي والتي تهدف إلى حماية المستثمر السعودي وتشجيعه رائعة، وهي ستخدم وتُحسِّن أوضاع المستثمر السعودي، معتبراً أن التسهيلات التي يَحظى بها المستثمر الأجنبي تحتم على الجهات المعنية بدعم الاستثمار الوطني وتشجيعه أن تقدم خدمات بدرجة مماثلة. وأضاف فدعق: "أفضل أن تُمرَّر التوصيات إلى المقام السامي عبر الجهات الرسمية المعنية، لا أن تذهب مباشرة للمقام السامي؛ فمجلس الغرف من مصلحته أن يُمرِّر التوصيات عبر الجهات المعنية مثل وزارة التجارة والجهات ذات العلاقة، فإذا رفضت هذه الجهات التعاون بناءً على التوصيات، فللغرف الحق بالرفع للمقام السامي مباشرة. واعتبر فدعق أنَّ هذه الطريقة ستدفع لإعادة تحفيز الجهات المسؤولة عن دعم الاستثمار الوطني". ويختم فدعق: "هذه التوصيات جيدة، ويجب أن توَجَّه بطريقة صحيحة".

من جهتها قالت لمى السليمان نائب رئيس غرفة جدة ومستثمرة في السوق السعودي "هناك تعطيل في إنهاء الإجراءات يُعاني منها الاثنين: المستثمر الأجنبي والسعودي، و لا أملك دليلاً على معلومة على أن إجراءات الأجنبي تتم في وقت أسرع من إجراءات السعودي. هذه المعلومة تتكرر غير مرة، وفي زمن المنهجية العلمية لا بُد من أدلة وإحصائيات".
انتقادات بالجملة
يُذكر أن عدداً من الخبراء والكتاب ذكروا في وقت سابق لـ "العربية. نت" أن الهيئة العامة للاستثمار تواجه الكثير من الانتقادات والملاحظات، من ذلك ماطالب به محمد صالح خليل نائب رئيس اللجنة العقارية بالرياض هيئة الاستثمار بأن تتحلى بالشفافية، حتى تتفادى الانتقادات الموجهة لها، وأنه يجب عليها من أجل ذلك إعداد دراسة فعلية لواقع التسهيلات المتاحة للمستثمر الأجنبي، وواقع المُدُن الاقتصادية، وأن تعهد بذلك لجهات متمكنة في هذا المجال.

فيما يربط البعض بين مشاكل توطين الوظائف، وضيق فرص توظيف السعوديين، وبين قرارات هيئة الاستثمار، ووصفها بأنها فتحت المجال وسهَّلت جوانب مثل: التستر، وتسهيل دخول مستثمرين لم يقدموا للبلد النتائج المرجوة، وذلك ما رآه الدكتور زين العابدين عضو اللجنة المالية بمجلس الشورى، حيث يقول: "يجب أن نسأل الهيئة ما الذي أضافته الاستثمارات الأجنبية إلى الاقتصاد الوطني؟... لا شيء. فلماذا تسمح الهيئة لاستثمارات أجنبية صغيرة لا تضيف شيئاً بالاستثمار في وطننا، بينما تُضيق الفرصة على المستثمر السعودي؟".


م ن ق

يعطيك الف عافيه

تقديري لك

يعطيك العافية

يعطيك الف عافيه على مجهودك

يعطيك الف عافيه على مجهودك