الإبل.. وما أدراك ما الإبل

الجمل مخلوق عجيب , , وفي البعير من الأسرار الدفينة ما الله به عليم , ولهذا نرى أن العلم الحديث والتكنولوجيا المتقدمة , والأبحاث العلمية , تكشف لنا بين الحين والحين سراً جديداً من تلك الأسرار , وبهذا تجسِّد الإبل كل ما يتمناه الإنسان الحضاري المدرك العاقل في هذه الحياة مثل :الحرية , والقوة والشجاعة ,و المنظر والمظهر, والصحة والصفات الحميدة والطباع الحسنة الخ ).
ومن هنا نقول وبكل ثقة ويقين أن الإبل, عجيبة في شكلها ومنظرها وحجمها , عجيبة في صحتها وفي مرضها , عجيبة في سلوكها الرعوي , عجيبة في صفاتها , عجيبة في طباعها , عجيبة في صفتها التشريحية , عجيبة في إنتاجها كماً ونوعاً ( الحليب واللحم والوبر والجلد الخ ) عجيبة في أكلها الشوك القاسي , عجيبة في مشيتها , عجيبة في كل شيء سبحان الله العظيم .




الإبل عجيبة في صحتها وفي مرضها :
الإبل حقيقة معجزة إلهية , ومخلوق عجيب , فهي أقل الحيوانات تعرضاً للأمراض , بفضل ما أعطاها الله من جهاز مناعي متطور , ومن سلاح دفاعي معقَّد في كل أجهزة جسمها ,سلاح يسمى السلاح الفسيولوجي الفريد من نوعه : في الجهاز التنفسي , وفي الجهاز البولي , وفي الجهاز الهضمي , وفي الجهاز العصبي , وفي الجهاز الدوراني (الدموي) والجلد الخ , إضافة إلى التعاون الوثيق بين تلك الأجهزة .
ولهذا فالإبل عجيبة في مقاومتها للأمراض بشكل عام , وللأمراض الوبائية بشكل خاص , ومن النادر جداً أن يحصل مرض وبائي في الإبل , لدرجة أن بعض الأمراض الوبائية الفتاكة التي تصيب الحيوانات مثل: الطاعون البقري والحمى القلاعية ومرض جنون البقر الخ , لا تصيب الإبل نهائياً.
وبعضها يصيب الإبل إصابة خفيفة عرضية تنتهي بالشفاء خلال فترة قصيرة(شهر أو أكثر بقليل) مثل مرض جدري الإبل , ولا تخلف تلك الأمراض وفيات تذكر( أعداد بسيطة تعدًّ على أصابع اليد الواحدة) ودليل ذلك عدم القيام بحملات تحصين وقائية بيطرية سنوية أو موسمية في جميع الدول العربية منذ عقود عديدة , في الوقت الذي توضع الخطط والبرامج الدورية الموسمية والسنوية , لتحصين كل من : الأبقار والأغنام والماعز والدواجن..الخ ضد الأمراض الوبائية الفتاكة , وتكلف تلك الحملات البيطرية سنوياً , أموالاً ضخمة وجهوداً كبيرة
وتجدر الإشارة في هذا المقام أن أقول ما يلي : لقد أمضيت أكثر من (40) عاماً في مجال الطب البيطري , رئيساً ومسئولا عن الصحة الحيواني في سوريا واليمن , لم أحتاج يوماً إلى القيام بتنظيم حملة تحصين واحدة لتلقيح الإبل, ولم أسمع أن أحداً في الدول العربية قام بذلك .
ملحوظة: في بعض البلدان مثل روسيا التي تملك إبل ذات سنامين , يوجد برامج تحصين وقائية خاصة للإبل مثل مرض جدري الإبل .
إن معظم الأمراض التي تصاب بها الإبل هي أمراض إنتاجية ,وتسمى أمراض اقتصادية تسبب نقصاً في الإنتاج الحيواني كماً ونوعاً , ومعظمها أمراض طفيلية , تسبب حالات نفوق فردية , و نادراً ما تسبب حالات نفوق جماعية
أو أمراض فردية مثل : الجروح والكسور والقروح , وأمراض في الأعضاء مثل : كالضرع والعين الخ , وكذلك الإسهال , والأمراض الغذائية المختلفة, وهي أمراض لا تنتقل من حيوان لآخر , وهذه الأمراض كلها تنتج من إهمال المربي وسوء التغذية , والنزاعات القبلية , وطبيعة الحياة في الصحراء الخالية المترامية الأطراف وأكلها من الأشجار والنباتات الشوكية الخ . وما يثير الدهشة هو أن الإبل عندما تتعرض للمرض , ويعطى الدواء من قبل مختصين بالبيطرة , تستجيب بشكل سريع للمعالجة وتتماثل للشفاء بشكل واضح , سبحان الله!!! .
ملحـوظة: قد تتعرض الإبل إلى أمراض فيروسية وبائية ,وإلى أمراض بكتيرية معدية , ولكن بفضل ما أعطاها الله من مقاومة , توقف المرض عند حدِّه , ولا تظهر أعراض ذلك المرض كما هو الحال في الحيوانات الأخرى!! .

لقد أثبتت الإبل عملياً وميدانياً وبيطرياً ومخبرياً , أنها أقل الحيوانات تعرضاً للأمراض , ويؤكّد ذلك كله المسلخ , حيث وجد أن جثة البعير بعد الذبح , أقل إصابة بالأمراض التي تسبب إتلاف الجثة كاملة , أو إتلاف عضواً من الأعضاء الداخلية , مثل : الكبد والرئتين واللسان والقلب والمعدة الخ . وقد أجريت تجارب على مدى (8) سنوات , في مسلخ الرياض الحديث في المملكة العربية السعودية , فكانت نتائج تلك التجارب بالنسبة لإتلاف الجثة بالكامل , ما يلي : إتلاف (ذبيحة واحدة من الإبل مقابل (12) جثة من الأبقار , ومقابل (19) جثة من الأغنام .
وهنا لا بد من الإشارة إلى القول, أن الأمراض الحيوانية , خطرها الحقيقي يكمن فيما تحمله من الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان , مثل :مرض أنفلونزا الطيور, ومرض حمى الوادي المتصدع ومرض السل الخ, تلك الأمراض التي تسبب هلعاً وخوفاً عند الإنسان في العالم كله , لدرجة أن الإنسان يمتنع عن أكل لحوم الدجاج , أ ولحوم الأ بقار والأغنام لعدة شهور أو لفترة طويلة .
والشيء بالشيء يذكر , فالخنزير أكثر الحيوانات إصابة بالأمراض , يصاب بأكثر من (350) مرضاً , منها حوالي (60) مرضاً من الأمراض المشتركة الخطيرة على الإنسان , وعليه فالخنزير أكثر الحيوانات إصابة بالأمراض المشتركة , ولا نسمع عن ظهور ذلك في الإبل , سبحان الله العظيم .
هذا وسوف نتطرق إلى بعض أمراض الإبل في مقالات قادمة إن شاء الله.

د / محمد مصطفى مراد الحموي
خبير بيطري ومستشار للثروة الحيوانية

الله يعطيك العافيه اخوي شديد الميزاني

الله يعطيك العافيه


دمت بخير

تسلم محمد الميزاني

ويسلموو على مرورك